(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ … ) أي: بسبب نقضهم الميثاق لعناهم، كما قال تعالى في سورة المائدة (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً)، وعلى هذا يكون الجار والمجرور متعلقاً بمحذوف يفسره ما جاء في سورة المائدة.
اختلف العلماء هل هذا متصل بما قبله أو منفصل عنه؟
فقيل: إنه متصل بما قبله، فالمعنى: فأخذتهم الصاعقة بظلمهم وبنقضهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف.
وقيل: ليس بمتصل بما قبله، بل المعنى: فبنقضهم ميثاقهم وكفرهم … بسبب ذلك كله طبع الله على قلوبهم، واختار هذا الطبري وقال: معنى الكلام: فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله، وبكذا وكذا، لعناهم وغضبنا عليهم، فترك ذكر (لعناهم) لدلالة قوله (بل طبع الله عليها بكفرهم) على معنى ذلك، إذ كان من طبع على قلبه فقد لُعِن وسُخط عليه.
(وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ) حيث لم يؤمنوا بالقرآن الكريم.
(وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ) فلا كفر أعظم من هذا، إنهم كفروا بآيات الله، وقتلوا أنبياء الله بغير الحق.
• فقد قتلوا زكريا ويحيى وغيرهما من رسل اللّه تعالى ولا شك أن قتل الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - يدل على شناعة جريمة من قتلهم وعلى توغله في الجحود والعناد والفجور إلى درجة تعجز العبارات عن وصفها، لأنه بقتله للدعاة إلى الحق، لا يريد للحق أن يظهر ولا للفضيلة أن تنتشر، ولا للخير أن يسود، وإنما يريد أن تكون الأباطيل والرذائل والشرور هي السائدة في الأرض.
وقوله (بِغَيْرِ حَقٍّ) ليس قيداً، لأن قتل النبيين لا يكون بحق أبداً، وإنما المراد من قوله (بِغَيْرِ حَقٍّ) بيان أن هؤلاء القاتلين قد بلغوا النهاية في الظلم والفجور والتعدي. لأنهم قد قتلوا أنبياء اللّه بدون أى مسوغ يسوغ ذلك، وبدون أية شبهة تحملهم على ارتكاب ما ارتكبوا، وإنما فعلوا ما فعلوا لمجرد إرضاء أحقادهم وشهواتهم وأهوائهم.