• قال الخازن (إن ترك خيراً) يعني مالاً، قيل يطلق على القليل والكثير وهو قول الزهري، فتجب الوصية في الكل، وقيل: إن لفظة الخير لا تطلق إلاّ على المال الكثير وهو قول الأكثرين.
• والمراد بالمعروف: أن يوصي لأقربيه وصيةً لا تجحف بورثته من غير إسراف ولا تقتير، كما ثبت في الصحيحين أن سعداً قال (يا رسول الله! إن لي مالاً ولا يرثني إلا ابنةٌ لي، أفأوصي بثلثيْ مالي؟ قال: لا، قال: فبالشطر؟ قال: لا، قال: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك أن تذرَ ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس) متفق عليه.
• اختلف العلماء في هذه الآية التي تدل على وجوب الوصية، هل هي منسوخة أم لا؟
القول الأول: أنها منسوخة.
ومن المفسرين الذين قالوا بالنسخ: الزمخشري، وابن عطية، والرازي، والألوسي، وابن عاشور.
فذهب جمهور أهل التفسير والفقه: إلى أنها منسوخة بآية المواريث (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ … ).
وبعضهم يرى أنها منسوخة بحديث (إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث). رواه الترمذي
ورجح هذا القول ابن كثير.
وذهب بعضهم إلى عدم النسخ، وأنه يمكن الجمع، فقالوا: وهنا يمكن الجمع عن طريق التخصيص، بأن يخرج من الآية الوارث منهما فلا وصية له بمقتضى الحديث، فتكون الآية في حق غير الوارث، ويكون الحديث في حق الوارث.
ورجح عدم النسخ السعدي وقال بالجمع حيث قال: واعلم أن جمهور المفسرين يرون أن هذه الآية منسوخة بآية المواريث، وبعضهم يرى أنها في الوالدين والأقربين غير الوارثين، مع أنه لم يدل على التخصيص بذلك دليل، والأحسن في هذا أن يقال: إن هذه الوصية للوالدين والأقربين مجملة، ردها الله تعالى إلى العرف الجاري.
ثم إن الله تعالى قدر للوالدين الوارثين وغيرهما من الأقارب الوارثين هذا المعروف في آيات المواريث، بعد أن كان مجملاً وبقي الحكم فيمن لم يرثوا من الوالدين الممنوعين من الإرث وغيرهما ممن حجب بشخص أو وصف، فإن الإنسان مأمور بالوصية لهؤلاء وهم أحق الناس ببره، وهذا القول تتفق عليه الأمة، ويحصل به الجمع بين القولين المتقدمين، لأن كلاً من القائلين بهما كل منهم لحظ ملحظاً، واختلف المورد.