• قال الشوكاني عن القول الأول: ليس بصحيح، فإن الكافرين لا يقرون بأن في القرآن شيئاً من الهداية، ولا يعترفون على أنفسهم بشيء من الضلالة.
(وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) أي: وما يضل به إلا الفاسقين الخارجين عن طاعة الله بكفرهم.
• والمراد بالفسق هنا الخروج عن الدين وهو الكفر، بدليل وصفهم بعد ذلك بقوله (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ … ) وهذه
الصفات صفات الكفار المباينة لصفات المؤمنين. …
والفسق هو الخروج عن طاعة الله، ومنه سميت الفأرة فويسقة لخروجها للإفساد، ويطلق ويراد به الكفر كقوله تعالى (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ) وقال تعالى (ومَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ).
ويطلق ويراد به ما دونه من المعاصي كقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ).
• قال القرطبي: والفِسْق في عُرْف الاستعمال الشرعي: الخروج من طاعة الله عز وجل، فقد يقع على من خرج بكُفْر وعلى من خرج بعصيان.
• لفظ الضلال في القرآن يطلق على ثلاثة إطلاقات:
الأول: إطلاق الضلال على الضلال عن طريق الهدى إلى طريق الزيغ، وعن طريق الجنة إلى طريق النار.
كما قال تعالى (وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ). ومنه قوله تعالى (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ).
ومنه قوله تعالى (قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)، وهذا أغلب استعمال الضلال.
والثاني: هو إطلاق الضلال على الغَيْبَة والاضمحلال.
ومنه قوله تعالى (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) أي: غاب واضمحل ولم يبق له أثر.
ومنه قوله تعالى (وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) فمعنى (ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ) أي: اضمحلت عظامهم ولحومهم وجلودهم فيها فأكلتها واختلطت بها.