• وقال القرطبي: قوله تعالى (وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القيامة) أي: يأتي به حاملاً له على ظهره ورقبته، مُعذّباً بحمله وثِقَله، ومَرعُوباً بصوته، ومُوَبَّخاً بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد.
وهذه الفضيحة التي يُوقعها الله تعالى بالغالّ نظيرُ الفضيحة التي توقع بالغادر، في أن يُنصب له لِواء عند استه بقدر غَدْرَته.
وجعل الله تعالى هذه المعاقبَات حَسْبَما يَعْهَدَهُ البَشرَ ويَفْهَمُونه
(ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ) أي: تعطى كل نفس جزاء ما عملت وافياً غير منقوص.
(وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) فلا يزاد في عقاب العاصي، ولا ينقص من ثواب المطيع.
كما قال تعالى (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً).
وقال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فالله لا يظلم لكمال عدله لا لعجزه عن الظلم.
• قال السعدي: وتأمل حسن الاحتراز في هذه الآية الكريمة، لما ذكر عقوبة الغال، وأنه يأتي يوم القيامة بما غله، ولما أراد أن يذكر توفيته وجزاءه، وكان الاقتصار على الغال يوهم -بالمفهوم- أن غيره من أنواع العاملين قد لا يوفون -أتى بلفظ عام جامع له ولغيره.
• وقال أبو حيان: ذكر أن ذلك الجزاء ليس مختصاً بمن غلّ، بل كل نفس توفى جزاء ما كسبت من غير ظلم، فصار الغال مذكوراً مرتين: مرّة بخصوصه، ومرّة باندراجه في هذا العام ليعلم أنه غير متخلص من تبعة ما غل، ومن تبعة ما كسبت من غير الغلول.
[الفوائد]
١ - تحريم الغلول وأنه من الكبائر.
٢ - أنه لا يمكن لنبي أن يغل.
٣ - أن الجزاء من جنس العمل.
٤ - إثبات البعث.
٥ - إثبات قدرة الله تعالى.
٦ - جزاء كل نفس بما كسبت.
٧ - نفي الظلم عن الله تعالى.