(وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (٣٣)). [النساء: ٣٣].
(وَلِكُلٍّ) أي: ولكل إنسان.
(جَعَلْنَا مَوَالِيَ) أي: جعلنا ورثة يلون تركته من بعده.
• كلمة (موالي) تطلق على معان:
منها: الناصر، كقوله تعالى (وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ).
ومنها: الذي يتولى على غيره، كقوله تعالى (وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).
ومنها: العتيق: كقوله -صلى الله عليه وسلم- (مولى القوم من أنفسهم).
ومنها: الوارث، كما في هذه الآية.
(مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ) أي: مما تركه والداه وأقربوه، وعلى هذا يكون الوالدان والأقربون مورِّثين
• قال ابن كثير: ويعني بقوله (مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ) من تركة والديه وأقربيه من الميراث، فتأويل الكلام: ولكلكم -أيها الناس-جعلنا عصبة يرثونه مما ترك والداه وأقربوه من ميراثهم له.
ويحتمل: أن يكون (الوالدان) خبراً لمبتدأ محذوف (والأقربون) معطوف عليه، والتقدير: هم الوالدان والأقربون، ويكون الوقف على قوله (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ) والتقدير: ولكل جعلنا موالي يرثون مما تركه، هم الوالدان والأقربون، وعلى هذا يكون الوالدان والأقربون وارثين.
(وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) أي: والذين تعاهدتم وتحالفتم وإياهم بالأيْمان والمواثيق المؤكدة، وقد كانوا في الجاهلية يتعاقدون،
كما قال ابن عباس: كان الرجل يعاقد الرجل أيهما مات ورثه الآخر.
عن ابن عباس (ولكل جعلنا موالي) قال: ورثة (والذين عقدت أيمانكم) قال: كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه، للأخوة التي آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهم، فلما نزلت (ولكل جعلنا موالي) نسخت، ثم قال (والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم) من النصر والرفادة والنصيحة، وقد ذهب الميراث ويوصى له. رواه البخاري.
• المراد بالعقد العهد، وسمي العهد عقداً لما فيه من التوثيق والتوكيد.
• أيمانكم: جمع يمين وهو الحلف.