للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥) أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (١٣٦)). [آل عمران: ١٣٥ - ١٣٦].

(وَالَّذِينَ إِذَا … ) قيل: هذا معطوف على (المتقين) وقيل: هذا استئناف، وعلى هذا القول فإن هؤلاء صنف آخر.

(فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) اختلف العلماء في المراد بالفاحشة وظلم النفس هنا:

فقيل: الفاحشة الزنا، وظلم النفس ما دونه من النظر واللمسة.

وقيل: الفاحشة الزنا، وظلم النفس سائر المعاصي.

وقيل: الفاحشة الكبيرة، وظلم النفس الصغيرة.

وقد جاء استعمال الفاحشة في القرآن بما قبح من الذنوب:

كالزنا: قال تعالى (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً).

واللواط: قال تعالى (وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ).

• ونكاح المحارم: قال تعالى (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً).

وظلم النفس جنس عام يتناول كل ذنب.

(ذَكَرُوا اللَّهَ) أي: ذكروا وعيد الله على ما أتوا من معصيتهم. (الطبري).

(فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) أي: إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار.

وقد قال -صلى الله عليه وسلم- (وأتْبِع السَّيِّئة الحَسنَة تَمحُها).

• قال ابن رجب: ولما كان العبدُ مأموراً بالتقوى في السرِّ والعلانية مع أنَّه لابُدَّ أنْ يقع منه أحياناً تفريط في التقوى، إما بترك.

بعض المأمورات، أو بارتكاب بعض المحظورات، فأمره أنْ يفعل ما يمحو به هذه السيئة وهو أنْ يتبعها بالحسنة، قال الله (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ).

وفي " الصحيحين عن ابنِ مسعود (أنَّ رجلاً أصاب من امرأة قُبلَةً، ثم أتى النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فذكر ذلك له، فسكت النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حتى نزلت هذه الآية، فدعاه فقرأها عليه، فقال رجل: هذا له خاصة؟ قال: (بل للناس عامة). (جامع العلوم والحكم).

<<  <  ج: ص:  >  >>