للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا وصفهم الله عز وجل بالمغضوب عليهم لأنهم عرفوا الحق وتركوه، ومثلهم من سلك طريقهم في ترك الحق بعد معرفته، كما قال سفيان بن عيينة: من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى.

ولمّا لم ينتفعوا بعلمهم صاروا كمن لا يعلم، بل أقل وأسوأ حالاً منه، كما قال تعالى فيهم (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).

[الفوائد]

١ - صدق رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم-، لقوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ).

٢ - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرسل إلى بني إسرائيل، كما أنه مرسل إلى الأميين وهم العرب، بل وإلى الناس أجمعين، قال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).

٣ - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان مصدقاً لما جاءت به الرسل السابقة، أي مقراً بأنها صدق وشاهد بصدق.

٤ - قيام الحجة على بني إسرائيل، حيث كان محمداً -صلى الله عليه وسلم- مصدقاً لما معهم، فهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.

٥ - أن الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم من بني إسرائيل، نبذوه عن علم، لأنهم أوتوا الكتاب وعرفوا الحق.

٦ - أن نبذ هؤلاء الفريق من الذين أتوا الكتاب نبذ لا يرجى معه إقبال، لقوله: (وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ) والذي ينبذ كتاب الله وراء ظهره في الدنيا، يؤتى كتابه يوم القيامة من وراء ظهره جزاءً وفاقاً.

٧ - أن من نبذ عن علم؛ أشد قبحاً ولوماً ممن نبذ عن جهل، ولهذا قال: (كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ).

٨ - التحذير من رد الحق بعد العلم.

٩ - أن من رد الحق بعد العلم به ففيه شبه من بني إسرائيل من اليهود والنصارى.

<<  <  ج: ص:  >  >>