(لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧)). [آل عمران: ١٩٦ - ١٩٧].
(لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلاد) أي: لا يحزنك يا محمد ذهابهم ومجيئهم في تجاراتهم ومكاسبهم في الأرض.
• قيل: الخطاب للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن المراد هو الأمة. وقيل: المراد أمته كما يخاطب سيد القوم ومقدمهم والمراد به كلهم كأنه قيل لا يغرنكم.
• قال ابن عاشور: والتقلّب: تصرّف على حسب المشيئة في الحروب والتجارات والغرس ونحو ذلك، قال تعالى (ما يجادل في آيات الله إلاّ الذين كفروا فلا يَغْرُرْك تَقَلُّبُهم في البلاد).
• وقال السعدي: وهذه الآية المقصود منها التسلية عما يحصل للذين كفروا من متاع الدنيا، وتنعمهم فيها، وتقلبهم في البلاد بأنواع التجارات والمكاسب واللذات، وأنواع العز، والغلبة في بعض الأوقات، فإن هذا كله متاع.
• قال الشيخ ابن عثيمين: وجه الغرور من وجهين:
الأول: ظن أن ما هم عليه حق، لأنه يقول: لو كان باطلاً ما مكنهم الله من هذا التقلب.
والثاني: أن يفعل مثل فعلهم، كما انخدع كثير من الناس اليوم حيث ظنوا أن الكفار وصلوا إلى ما وصلوا إليه من أجل تحللهم من دينهم.
(مَتَاعٌ قَلِيلٌ) أي: تقلبهم متاع قليل.
قليل في زمنه، قليل في كميته، قليل في كيفيته.
فالزمن قليل محدود وهو عمر الإنسان، قليل في الكيفية: حيث أن الإنسان يعترضه أمراض وأوجاع ومصائب.
• قال الرازي: وإنما وصفه الله تعالى بالقلة لأن نعيم الدنيا مشوب بالآفات والحسرات، ثم إنه بالعاقبة ينقطع وينقضي.
• قال ابن كثير: وهذه الآية كقوله تعالى (مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ).
وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ. مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ).