(وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (١٠٠)). [النساء: ١٠٠].
(وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) هذا تحريض على الهجرة، وترغيب في مفارقة المشركين، وأن المؤمن حيثما ذهب وجد عنهم مندوحة وملجأ يتحصن يه.
• فمن هاجرفي سبيل الله: ويكون في سبيل الله بشرطين: الهجرة لله إخلاصاً لا لهدف آخر، ويكون متابعاً للرسول -صلى الله عليه وسلم-.
(يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا) قيل: المراغم التحول من أرض إلى أرض، وقيل: متزحزحاً عما يكره.
• قال ابن كثير: وهذا تحريض على الهجرة، وترغيب في مفارقة المشركين، وأن المؤمن حيثما ذهب وجد عنهم مندوحة وملجأ يتحصن فيه.
• وقال السعدي: هذا في بيان الحث على الهجرة والترغيب، وبيان ما فيها من المصالح، فوعد الصادق في وعده أن من هاجر في سبيله ابتغاء مرضاته، أنه يجد مراغمًا في الأرض وسعة، فالمراغم مشتمل على مصالح الدين، والسعة على مصالح الدنيا.
• قال ابن كثير: قوله تعالى (مُرَاغَمًا كَثِيرًا) والظاهر - والله أعلم - أنه التمنع الذي يُتحصن به، ويراغم به الأعداء.
• وقال القرطبي: وهذا كله تفسير بالمعنى، وكله قريب بعضه من بعض؛ فأما الخاص باللفظة فإن المراغم موضع المراغمة كما ذكرنا، وهو أن يرغِم كل واحد من المتنازعين أنف صاحبه بأن يغلبه على مراده؛ فكأن كفار قريش أرغموا أُنوف المحبوسين بمكة، فلو هاجر منهم مهاجر لأرغم أُنوف قريش لحصوله في منعة منهم، فتلك المنعة هي موضع المراغمة.
وقال: وهو مشتق من الرِّغام، ورَغِم أنف فلان أي لَصِق بالتراب، وراغمت فلاناً هجرته وعاديته، ولم أُبالِ إن رغِم أنفه.
• وقال الرازي: وعندي فيه وجه آخر، وهو أن يكون المعنى: ومن يهاجر في سبيل الله إلى بلد آخر يجد في أرض ذلك البلد من الخير والنعمة ما يكون سبباً لرغم أنف أعدائه الذين كانوا معه في بلدته الأصلية، وذلك لأن من فارق وذهب إلى بلدة أجنبية فإذا استقام أمره في تلك البلدة الأجنبية، ووصل ذلك الخبر إلى أهل بلدته خجلوا من سوء معاملتهم معه، ورغمت أنوفهم بسبب ذلك، وحمل اللفظ على هذا أقرب من حمله على ما قالوه، والله أعلم.
(وَسَعَةً) يعني الرزق.
قيل: أي في الرزق، وقال قتادة: المعنى سعة من الضلالة إلى الهدى ومن العَيْلَة إلى الغنى.
وقال مالك: السعة سعة البلاد.