وقال تعالى (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ).
وقال تعالى (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً).
وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ).
• قال ابن عاشور: بيَّن بها عدم حاجته تعالى إلى تقوى الناس، ولكنّها لصلاح أنفسهم، كما قال (إن تكفروا فإنّ الله غنيّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر).
(وَكَانَ اللَّهُ غَنِيّاً) عن جميع عباده، فالله غني عن كل ما سواه، غني في نفسه لكثرة ما عنده، غني عن خلقه، كما قال تعالى (فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) له ملك السموات والأرض، وخزائن السموات والأرض كلها بيده، كما قال تعالى (وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) وقال تعالى (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)، فخزائنه عز وجل ملأ، لايغيضها كثرة الإنفاق، وليس بحاجة إلى خلقه، لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، وكل شيء فقير إليه.
• قال ابن القيم: هو الغني بذاته الذي كل ما سواه محتاج إليه، وليس به حاجة إلى أحد.
• وقال السعدي: هو الغني بذاته، الذي له الغنى التام المطلق، من جميع الوجوه، والاعتبارات لكماله، وكمال صفاته، فلا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه، ولا يمكن أن يكون إلا غنياً، لأن غناه من لوازم ذاته، كما لا يكون إلا خالقاً قادراً رازقاً محسناً فلا يحتاج إلى أحد بوجه من الوجوه، فهو الغني الذي بيده خزائن السماوات والأرض، وخزائن الدنيا والآخرة، المغني جميع خلقه غنى عاماً.
قال: ومن كمال غناه: أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً ولا شريكاً في الملك، ولا ولياً من الذل.
وقال الخطابي: الغني: هو الذي استغنى عن الخلق وعن نصرتهم وتأييدهم لمُلكه، فليست به حاجة إليهم، وهم إليه فقراء محتاجون.
• الآثار المترتبة على معرفتنا بهذا الاسم:
أولاً: إفراد الله تعالى بالعبادة، لأنه سبحانه هو الغني الغنى المطلق المطلق، والغنى وصف له سبحانه ذاتي وما سواه من الخلائق مفتقر إليه، فالأمر كله له والملك كله له، وجميع الخلق مربوبون مملوكون، فكيف يتخذ منهم معبوداً مع الله تعالى؟
ثانياً: الافتقار التام إلى الله عز وجل، لأن الفقر صفة ذاتية ملازمة للعبد في جميع أحيانه ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى، ولا يستغني عن ربه سبحانه طرفة عين، لأنه سبحانه الغني ذو الغنى المطلق الذي لا يحتاج إلى أحد، وكل أحد محتاج إليه.
ثالثاً: أن هذا الاسم يثمر في قلب المؤمن الغنى القلبي كما في الحديث (ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى القلب) وهذا يثمر الاستغناء بالله تعالى وحده عن الناس وعزة النفس، والتعفف والزهد بما في أيدي الناس، وعدم التذلل لهم وعدم التعلق بأعطياتهم وإعانتهم، بل يجرد العبد تعلقه وقضاء حوائجه وطلب رزقه بالله الغني الحميد الكريم الوهاب الذي لا تفنى خزائنه.