للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعاً: أن الله غني عن عباده، ومع ذلك فهو محسن إليهم، رحيم بهم، وهذا من كمال غناه وكرمه ورحمته.

أما العباد فإنهم يحسنون إلى بعضهم البعض لتعلق مصالحهم بذلك إما عاجلاً وإما آجلاً.

• فغنى الله يتضمن شيئين: الأول: الغنى الذاتي، لكثرة ما يملكه، إذ كل شيء ملكه، والثاني: الغنى عن الغير، فلا يحتاج إلى أحد وغيره محتاج إليه.

(حَمِيداً) اسم من أسماء الله، قال ابن جرير: أي محمود عند خلقه بما أولاهم من نعمه، وبسط لهم من فضله.

• وقال الخطابي: الحميد: هو المحمود الذي استحق الحمد بأفعاله.

• وقال ابن كثير: أي: المحمود في جميع أفعاله وأقواله وقدره لا إله إلا هو ولا رب سواه.

• وقال السعدي: وأما الحميد فهو من أسماء الله تعالى الجليلة الدال على أنه [هو] المستحق لكل حمد ومحبة وثناء وإكرام، وذلك لما اتصف به من صفات الحمد، التي هي صفة الجمال والجلال، ولما أنعم به على خلقه من النِّعم الجزال، فهو المحمود على كل حال.

• وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الصحيح أنها بمعنى المحمود والحامد، فالله سبحانه حامدٌ من يستحق الحمد، وما أكثر الثناء على من يستحقون الثناء في كتاب الله، وهو كذلك محمود على كمال صفاته، وتمام إنعامه.

• وغنى الله مقرون بحمده كما في هذه الآية، وقال تعالى في آية أخرى (الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) فهو غني يحمد على غناه، لأنه يجود به على غيره.

فالله ذو الغنى الواسع. كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).

وقال تعالى (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).

وقال تعالى (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).

قال الشيخ ابن عثيمين: وليس كل غني يحمد على غناه، فالغني البخيل كالفقير تماماً، بل أردأ من الفقير وأسوأ حالاً، لأن الغني يذم، والفقير لا يذم.

<<  <  ج: ص:  >  >>