للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (١٤٣)). [البقرة: ١٤٣].

(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) أي: كما هديناكم إلى قبلة هي أوسط القبل وكذلك جعلناكم أمة وسطاً.

• قال ابن كثير: يقول تعالى: إنما حولناكم إلى قبلة إبراهيم -عليه السلام-، واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم، والوسط ههنا الخيار والأجود، كما يقال: قريش أوسط العرب نسباً وداراً، أي: خيرها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسطاً في قومه، أي: أشرفهم نسباً، ومنه الصلات الوسطى التي هي أفضل الصلوات وهي العصر، وفي القرآن (قَالَ أَوْسَطُهُمْ) أي: أعدلهم وخيرهم.

وقد روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري. عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) قال: عدلاً).

• وقال السعدي: وما عدا الوسط، فأطراف داخلة تحت الخطر، فجعل الله هذه الأمة، وسطاً في كل أمور الدين.

وسطاً في الأنبياء: بين من غلا فيهم، كالنصارى، وبين من جفاهم، كاليهود، بأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك.

ووسطاً في الشريعة: لا تشديدات اليهود وآصارهم، ولا تهاون النصارى.

وفي باب الطهارة والمطاعم: لا كاليهود الذين لا تصح لهم صلاة إلا في بيعهم وكنائسهم، ولا يطهرهم الماء من النجاسات، وقد حرمت عليهم الطيبات، عقوبة لهم، ولا كالنصارى الذين لا ينجسون شيئاً، ولا يحرمون شيئا، بل أباحوا ما دب ودرج.

بل طهارتهم أكمل طهارة وأتمها، وأباح الله لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح، وحرم عليهم الخبائث من ذلك، فلهذه الأمة من الدين أكمله، ومن الأخلاق أجلها، ومن الأعمال أفضلها.

ووهبهم الله من العلم والحلم، والعدل والإحسان، ما لم يهبه لأمة سواهم، فلذلك كانوا (أُمَّةً وَسَطًا).

• وهذا يدل على فضيلة هذه الأمة، ومن فضائلها:

قوله تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ).

وقوله تعالى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>