وممن قال بهذا القول: ابن مسعود، ومجاهد وعطاء وقتادة وعروة بن الزبير وإبراهيم النخعي وعلقمة والثوري والحسن وأبو ثور وداود، وهو مذهب أبي حنيفة، ورجحه الطبري.
وحجة هذا القول من جهة شموله لإحصار العدو قد تقدم في حجة الذي قبله.
ومن جهة شموله للإحصار بمرض فهي ما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة وابن خزيمة والحاكم والبيهقي عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول (من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى) فذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة فقالا: صدق.
قال النووي في شرح المهذب بعد أن ساق حديث عكرمة هذا: رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي وغيرهم بأسانيد صحيحة.
وهذا القول هو الصحيح.
(فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) أي: فاذبحوا ما تيسر من الهدي، أي: فعليكم للخروج من النسك والتحلل من الإحرام ذبح أو نحر الذي تيسر من الهدي.
• فالذي يجب على المحصر:
أولاً: أن يذبح هدي.
لظاهر القرآن (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) والجمهور على أن مكان ذبح الهدي هو مكان الإحصار، سواء كان حلاً أو حرماً، حيث أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحصر بالحديبية ونحر بها، وهي ليست من الحرم.
ثانياً: الحلق أو التقصير.
قال بعض العلماء: إنه يلزمه أيضاً الحلق أو التقصير، وهو مذهب مالك وأصحابه.
لما ثبت في الأحاديث الصحيحة عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه حلق لما صده المشركون عام الحديبية وهو محرم، وأمر أصحابه أن يحلقوا.