للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧٥) يَمْحَقُ اللَّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦)). [البقرة: ٢٧٥ - ٢٧٦].

(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) أي: يأخذونه وينتفعون به بأي وجه من أوجه الانتفاع من أكل أو شرب أو لباس أو سكن أو مركب أو غير ذلك.

• وخص الأكل لأنه معظم الأمر، كما قال (الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً) وكما لا يجوز أكل مال اليتيم لا يجوز إتلافه، ولكنه نبّه بالأكل على ما سواه وكذلك قوله (وَلَا تَأْكُلُواْ أموالكم بَيْنَكُم بالباطل).

• قال ابن الجوزي: وهذا الوعيد يشمل الآكل والعامل به، وإنما خص الآكل بالذكر، لأنه معظم المقصود.

(لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) أي: لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له، وذلك أنه يقوم قياماً منكرًا.

قال ابن عباس: آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنوناً يُخْنَق. رواه ابن أبي حاتم.

روى الإمام الطبري -رحمه الله- عن سعيد بن جبير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية قوله: بعث آكل الربا يوم القيامة مجنوناً يخنق.

ونقل عن قتادة قوله: وتلك علامة أهل الربا يوم القيامة، بعثوا وبهم خبل من الشيطان.

• وذكره سبحانه لحالهم هذا وأنهم كما كانوا في الدنيا في طلب المكاسب الخبيثة كالمجانين، عوقبوا في البرزخ والقيامة، بأنهم لا يقومون من قبورهم، أو يوم بعثهم ونشورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من الجنون والصرع يدل على الترهيب من هذا العمل الذي يكون مصير فاعله في الآخرة هذا الحال.

• قال الرازي: التخبط معناه الضرب على غير استواء، ويقال للرجل الذي يتصرف في أمر ولا يهتدي فيه: إنه يخبط خبط عشواء.

• هذه الآية من أقوى الأدلة على تحريم الربا.

قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>