(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) أخبر تعالى أن الصدقة تبطل بما يتبعها من المن والأذى، فما يفي ثواب الصدقة بخطيئة المن والأذى.
• قال أبو حيان: ولتعظيم قبح المن أعاد الله ذلك في معارض الكلام، فأثنى على تاركه أولاً وفضل المنع على عطية يتبعها
المن ثانياً، وصرح بالنهي عنها ثالثاً، وخص الصدقة بالنهي إذ كان المن فيها أعظم وأشنع.
(كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ) أي: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى، كما تبطل صدقة من راءى بها الناس، فأظهر لهم أنه يريد وجه الله وإنما قصده مدح الناس له، أو شهرته بالصفات الجميلة، ليشكر بين الناس، أو يقال: إنه كريم ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية، مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه.
(وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي: لا يصدق بلقاء الله ليرجو ثواباً أو يخشى عقاباً.
(فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ) وهو الحجر الأملس.
(عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ) وهو المطر الشديد.
(فَتَرَكَهُ صَلْداً) أي: فترك الوابل ذلك الصفوان صلداً، أي: أملس يابساً، أي: لاشيء عليه من ذلك التراب، بل قد ذهب كله، أي: وكذلك أعمال المرائين تذهب وتضمحل عند الله، وإن ظهر لهم أعمال فيما يرى الناس كالتراب.
(لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) أي: لا يجدون له ثواباً في الآخرة فلا ينتفع بشيء منها أصلاً.
• قال ابن الجوزي: وهذا مثل ضربه الله تعالى للمرائي بنفقته، لا يقدر يوم القيامة على ثواب شيء مما أنفق.