للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال ابن القيم: وهذا من أبلغ الأمثال وأحسنها، فإنه يتضمن تشبيه قلب هذا المنفق المرائي الذي لم يصدر إنفاقه عن إيمان بالله واليوم الآخر بالحجر لشدته وصلابته وعدم الانتفاع به، وتضمن تشبيه ما علق به من أثر الصدقة بالغبار الذي علق بذلك الحجر والوابل الذي أزال ذلك التراب عن الحجر فأذهبه بالمانع الذي أبطل صدقته وأزالها كما يذهب الوابل التراب الذي على الحجر فيتركه صلداً فلا يقدر المنفق على شيء من ثوابه لبطلانه وزواله، وفيه معنى آخر وهو: أن المنفق لغير الله هو في الظاهر عامل عملا يرتب عليه الأجر ويزكو له كما تزكو الحبة التي إذا بذرت في التراب الطيب أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، ولكن وراء هذا الإنفاق مانع يمنع من نموه وزكائه كما أن تحت التراب حجراً يمنع من نبات ما يبذر من الحب فيه فلا ينبت ولا يخرج شيئاً.

(وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) أي: لا يهديهم إلى طريق الخير والرشاد في نفقاتهم وفي غيرها.

فلا يوفقهم الله ويتخلى عنهم، وهكذا اذا خذل الله العبد، يتركه فتكون أعماله وبالاً عليه، فيعمل ما فيه عطبه وخسارته وهلاكه.

• في هذه الآية خطر الرياء وأنه محبط للعمل.

وقال ابن حجر: الرياء بكسر الراء وتخفيف التحتانية والمد وهو مشتق من الرؤية والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمدوا صاحبها والسمعة بضم المهملة وسكون الميم مشتقة من سمع والمراد بها نحو ما في الرياء لكنها تتعلق بحاسة السمع

• والتحذير من الرياء وصية ربانية: إن الله حذرنا من الرياء في الأقوال والأفعال وذلك في كثير من آيات القرآن الكريم، وبين لنا سبحانه أن الرياء يحبط الأعمال الصالحة.

قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ

الْآخِرِ … ).

<<  <  ج: ص:  >  >>