لقوله تعالى: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا)، قالوا إن نفي الجناح يفيد أنه رخصة.
ولحديث عمر السابق: (صدقة تصدق الله بها عليكم).
وقال بعض العلماء: إن القصر واجب، وهذا مذهب أبي حنيفة، ونصره ابن حزم، واختاره الصنعاني.
لقول عائشة (أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ اَلصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ اَلسَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ اَلْحَضَرِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَلِلْبُخَارِيِّ: (ثُمَّ هَاجَرَ، فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ اَلسَّفَرِ عَلَى اَلْأَوَّلِ) فهذا يدل على أن صلاة السفر مفروضة ركعتين.
قال الشوكاني: وهو دليل ناهض على الوجوب، لأن صلاة السفر إذا كانت مفروضة ركعتين، لم يجز الزيادة عليها، كما أنها لا تجوز الزيادة على أربع في الحضر.
ولحديث يعلى ابن أمية السابق، وفيه: (صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته) فقوله: (فاقبلوا) هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب.
وتوسط شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: إن القصر سنة، والإتمام مكروه، لأنه خلاف هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الدائم.
قال ابن تيمية: المسلمون نقلوا بالتواتر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصلّ في السفر إلا ركعتين، ولم ينقل عنه أحد أنه صلى أربعاً قط.
رابعاً: إذا علمنا أن القصر مشروع كما سبق، فهناك حالات يتم بها المسافر:
[الحالة الأولى: إذا ذكر صلاة حضر في سفر.]
مثال: رجل مسافر، وفي أثناء السفر تذكر أنه صلى الظهر في بلده من غير وضوء، فإنه يجب أن يعيدها أربعاً.
قال ابن قدامة: بالإجماع حكاه الإمام أحمد، وابن المنذر، لأن الصلاة تعين عليه فعلها أربعاً، فلم يجز له النقصان من عددها
[الحالة الثانية: إذا صلى المسافر خلف المقيم.]
قال ابن قدامة: المسافر متى ائتم بمقيم وجب عليه الإتمام، سواء أدرك جميع الصلاة أو ركعة، أو أقل.
إذا صلى المسافر خلف المقيم.