• قال الرازي: أما القصاص فهو أن يفعل بالإنسان مثل ما فعل، من قولك: اقتص فلان أثر فلان إذا فعل مثل فعله، قال تعالى (فارتدا على ءاثَارِهِمَا قَصَصًا) وقال تعالى (وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصّيهِ) أي اتبعي أثره، وسميت القصة قصة لأن بالحكاية تساوي المحكي، وسمي القصص لأنه يذكر مثل أخبار الناس، ويسمى المقص مقصاً لتعادل جانبيه.
• ففي هذه الآية وجوب القصاص، لكن إذا عفا أولياء المقتول أو قبلوا الهدية سقط القصاص لقوله تعالى بعد ذلك (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (ومن قتُل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يُودي وإما أن يُقاد) متفق عليه.
• قوله تعالى (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ … ) أي: فإذا قتل الحرُّ الحرَّ فاقتلوه به، وإذا قتل العبدُ العبدَ فاقتلوه به، وإذا قتلت الأنثى الأنثى فاقتلوا الأنثى، وهذا لا إشكال فيه.
• وظاهر الآية أن الرجل لا يقتل بالمرأة لقوله (وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى) مع أن جماهير العلماء على أن الرجل يقتل بالمرأة بل نقل بعضهم الإجماع كالقرطبي، ويدل لذلك حديث أنس (أن يهودياً قتل جارية على أوضاح لها فقتلها بحجر فجيء بها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وبها رمق، فقال: أقتلك فلان؟ فأشارت برأسها أن لا، ثم قال الثانية فأشارت برأسها أن لا، ثم سألها الثالثة فأشارت برأسها أن نعم، فقتله النبي -صلى الله عليه وسلم- بحجرين) متفق عليه.
[والجواب عن ظاهر الآية]
أولاً: قال بعض العلماء: إن الآية نزلت في قوم لا يرضون إذا قُتل العبد منهم أن يقتل قاتله العبد من القبيلة التي تركته ويقولون لا نرضى مقابله إلا رجلاً حراً أفضل من قاتله، وإذا قتلت امرأة من غيرهم امرأة منهم لا يرضون بقتل المرأة القاتلة فقط ولكنهم يقولون نقتل مكانها رجلاً، وإذا قُتل منهم حر قالوا لا نرض بأن نقتل قاتله فقط بل لا بد أن نقتل أكثر من قاتله فنزلت الآية فيهم.
ثانياً: أنها منسوخة بقوله تعالى (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ).
(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) أي: إذا عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية، أو عفا بعض الأولياء، فإنه يسقط القصاص وتجب الدية.