للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعضُ الحكماء: عجبتُ ممَّنِ الدُّنيا موليةٌ عنه، والآخرة مقبلةٌ إليه، يشتغلُ بالمدبرة، ويُعرِض عن المقبلة.

وقال عُمرُ بنُ عبد العزيز في خطبته: إنَّ الدُّنيا ليست بدارِ قرارِكُم، كتب الله عليها الفناء، وكتب على أهلها منها الظَّعَن، فكم من عامرٍ موثَّق عن قليلٍ يَخْرَبُ، وكم من مقيمٍ مُغتَبطٍ عما قليل يَظعَنُ، فأحسنوا - رحمكم الله - منها الرِّحلة بأحسن ما بحضرتكم مِن النقلة، وتزوَّدوا فإنَّ خيرَ الزَّاد التقوى.

وإذا لم تكن الدنيا للمؤمن دار إقامة، ولا وطناً، فينبغي للمؤمن أنْ يكون حالُه فيها على أحد حالين: إما أنْ يكونَ كأنَّه غريب مقيمٌ في بلد غُربةٍ، هَمُّه التزوُّد للرجوع إلى وطنه، أو يكون كأنَّه مسافرٌ غير مقيم البتَّة، بل هو ليله ونهارَه، يسيرُ إلى بلدِ الإقامة، فلهذا وصّى النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ابنَ عمر أنْ يكونَ في الدُّنيا على أحد هذين الحالين.

(وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَاب) بعد الترعيب بالتقوى، أمر بها (يَا أُولِي الْأَلْبَاب) أي: يا أصحاب العقول والأفهام النيرة، التي تهدي أصحابها وترشدهم إلى ما ينفعهم، وتمنعهم عما يضرهم.

• قال ابن كثير: (وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَاب) يقول: واتقوا عقابي، ونكالي، وعذابي لمن خالفني ولم يأتمر بأمري، يا ذوي العقول والأفهام.

• قال الشوكاني: وقوله (وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَاب) فيه التخصيص لأولي الألباب بالخطاب بعد حثّ جميع العباد على التقوى؛ لأن أرباب الألباب هم القابلون لأوامر الله الناهضون بها، ولبّ كل شيء خالصه.

• والألباب: جمع لُبٍ.

[الفوائد]

١ - أن للحج أشهر معلومات.

٢ - أن الإحرام بالحج لا يصح إلا في أشهره.

٣ - أن الإحرام بالحج أو العمرة ينعقد بمجرد نية الدخول في النسك.

٤ - أن من أحرم بالحج وجب عليه إتمامه ولو كان نفلاً.

٥ - تحريم الجماع ومقدماته والفسوق والجدال والخصام والنزاع على المحرم.

٦ - الترغيب في فعل الخير.

٧ - علم الله بجميع الأشياء.

٨ - وجوب الاستعداد بالزاد لسفر الحج والعمرة والاستغناء عن الناس.

٩ - الحث على التزود بتقوى الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>