(وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (١٦)). [النساء: ١٦].
(وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ) الضمير يعود إلى الفاحشة.
وقد اختلف في المراد بها هنا:
فقيل: أنّ المرادَ بها اللاَّئِطَانِ، فهي في فاحشةِ اللِّوَاطِ.
ولهذا ذكرهما بلفظ التثنية في قوله (واللذان) وفي قوله (يأتيانها) أي: الفاعل والمفعول.
وهذا مَرْويٌّ عن مُجاهد، وقالَ بهِ أبو مسلم الأصفهاني، والنحاس.
وقيل: المراد بالفاحشة هنا الزنا، وتكون الفاحشة في الآية الأولى في الزانيات من النساء مطلقاً محصنات وغير محصنات، والآية الثانية في الزناة من الرجال المحصن وغير المحصن.
• قال القرطبي: واختلف العلماء في تأويل قوله تعالى: (وَاللاَّتِي) وقوله: (وَاللَّذَانِ) فقال مجاهد وغيره: الآية الأُولى في النساء عامّة محصناتٍ وغير محصناتٍ، والآية الثانية في الرجال خاصة.
وبيّن لفظ التثنية صنفي الرجال من أحْصَن ومن لم يُحصن؛ فعقوبة النساء الحبسُ، وعقوبة الرجال الأذَى.
وهذا قول يقتضيه اللفظ، ويستوفي نصُّ الكلام أصناف الزناة.
ويؤيّده من جهة اللفظ قوله في الأُولى: (مِنْ نِسَائِكُمْ) وفي الثانية (مِنْكُمْ) واختاره النحاس ورواه عن ابن عباس.
وقيل: قال السدي وقتادة وغيرهما: الأُولى في النساء المحصنات، يريد: ودخل معهنّ من أحصِن من الرجال بالمعنى، والثانية في الرجل والمرأة البِكرين.
• قال ابن عطية: ومعنى هذا القول تام إلا أن لفظ الآية يقلق عنه.
وقد رجّحه الطبري، وأباه النحاس وقال: تغليب المؤنث على المذكر بعيد؛ لأنه لا يخرج الشيء إلى المجاز ومعناه صحيح في الحقيقة.