١ - التلاوة اللفظية، بأن يقيم الإنسان حروف الكتاب الذي أنزل.
٢ - التلاوة المعنوية، بأن يقيم معناه، أي معنى الكتاب الذي أنزل، وذلك بأن يفسره بما أراد الله لا بهوى نفسه.
٣ - التلاوة الحكمية العملية، بأن يؤمن بأخباره، ويقوم بأوامره، ويجتنب نواهيه.
قوله تعالى (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) أي التلاوة الحق.
(أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) يعني هؤلاء هم الذي يؤمنون به حقاً، وأما من لم يتله حق تلاوته: إما باللفظ أو في المعنى أو في الحكم والعمل، فإنه لم يؤمن به، وقد نقص من إيمانه بقدر ما نقص من تلاوته.
قال ابن كثير: وقوله (أولئك يؤمنون به) خبر عن الذين أتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته، أي من أقام كتابه من أهل الكتاب المنزلة على الأنبياء المتقدمين حق إقامته، آمن بما أرسلتك به يا محمد، كما قال تعالى:(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ).
[صور من التطبيق والعمل بالقرآن]
عن عائشة قالت (لما أنزل الله في براءتي، قال أبو بكر - وكان ينفق على مسطح بن أُثاثة لقرابته وفقره - والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً بعد الذي قال لعائشة ما قال، فأنزل الله (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) قال أبو بكر: بلى والله، إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى النفقة التي كان ينفق عليه وقال: والله لا أنزعها منه أبداً) رواه البخاري.
وعن ابن عمر قال: حضرتني هذه الآية (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) فذكرت ما أعطاني الله، فلم أجد شيئاً أحب إليّ من مرجانة - جارية رومية - فقلت: هي حرة لوجه الله.
ولما نزلت هذه الآية، قال زيد بن حارثة: اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مال أحب إليّ من فرسي هذه، فجاء بها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قد قبِله الله منك.