للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أَنَس بْن مَالِك قال (كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِىٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالاً وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَى وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرَحَى وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «بَخْ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ

رَابِحٌ قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ». فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّه) متفق عليه.

(وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ) أي: بالكتاب المذكور وهو القرآن.

(فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) وخسارته ولوج النار، كما قال تعالى: (وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ).

الخاسرون جمع خاسر، وأصل الخسران: هو ذهاب مال التاجر، سواء كان ربحاً أو رأس مال، وكل من خسر شيئاً من ماله فقد خسر، وخسران الناس: المراد به غبنهم حظوظهم من ربهم جل وعلا، وقد أقسم الله تعالى على أن هذا الخسران لا ينجو منه أحد إلا بتلك الصفات المقررة المعروفة في تلك السورة الكريمة وهي سورة العصر في قوله تعالى (وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).

الفوائد:

١ - الثناء على من آتاه الله الكتاب فتلاه حق تلاوته.

٢ - أن من لم يقم حروف الكتاب، فإنه لم يؤمن به حق الإيمان، لأنه لم يتله حق تلاوته.

٣ - أن التلاوة تنقسم إلى قسمين:

تلاوة تامة: وهي حسن التلاوة.

وتلاوة ناقصة: وهي ما دون ذلك.

٤ - أن من لم يقم بالعمل الصالح الذي دل عليه الكتاب؛ فإنه لم يتله حق تلاوته، فيكون ناقص الإيمان.

٥ - الثناء على التالين لكتاب الله حق تلاوته، لقوله تعالى: (أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ).

٦ - أن الكافر بالكتاب الذي أنزله الله على رسله، خاسر في الدنيا والآخرة.

٧ - قال ابن القيم في الفوائد: إذا أردت الانتفاع بالقرآن، فأجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>