(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللَّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (١٤٦)). [النساء: ١٤٥ - ١٤٧].
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) أي: يوم القيامة جزاء على كفرهم الغليظ.
• قال ابن عباس: أي في أسفل النار.
• وذلك لأنهم جمعوا مع الكفر الاستهزاء بالإسلام وأهله، والنار دركات كما أن الجنة درجات.
• أن المنافق عذابه أعظم من الكافر.
• قال القرطبي: فالمنافق في الدرك الأسفل وهي الهاوية؛ لغلظ كفره وكثرة غوائله وتمكُّنه من أذى المؤمنين.
• قال الرازي: لما كان المنافق أشد عذاباً من الكافر لأنه مثله في الكفر، وضم إليه نوع آخر من الكفر، وهو الاستهزاء بالإسلام وبأهله، وبسبب أنهم لما كانوا يظهرون الإسلام يمكنهم الاطلاع على أسرار المسلمين ثم يخبرون الكفار بذلك فكانت تتضاعف المحنة من هؤلاء المنافقين، فلهذه الأسباب جعل الله عذابهم أزيد من عذاب الكفار.
• قال ابن القيم: النفاق نفاقان:
نفاق اعتقاد ونفاق عمل، فنفاق الاعتقاد هو الذي أنكره الله على المنافقين في القرآن، وأوجب لهم الدرك الأسفل من النار، ونفاق العمل كقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان).
وفي الصحيح أيضاً (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر وإذا ائتمن خان).
فهذا نفاق عمل قد يجتمع مع أصل الإيمان، ولكن إذا استحكم وكمل فقد ينسلخ صاحبه عن الإسلام بالكلية وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم، فإن الإيمان ينهى المؤمن عن هذه الخلال، فإذا كملت في العبد ولم يكن له ما ينهاه عن شيء منها فهذا لايكون إلا منافقاً خالصاً، وكلام الإمام أحمد يدل على هذا
- فإن قيل ما وجه الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) فالجواب:
أولاً: أن يكون جميعهم في العذاب الشديد.
ثانياً: يمكن أن يُقال إن الدرك الأسفل من النار دركات هو الآخر، فيكونون في الجملة في الدرك الأسفل لكن لا يمنع أن يكون هناك تفاوت في العذاب في الدرك الأسفل أيضاً.