• فعلى العبد إخلاص العبادة لله تعالى والتحصن والأذكار والأوراد الشرعية مع صدق التوكل على الله، وتمام الثقة به، فهو الحافظ الكافي والواقي من جميع الشرور قبل وقوعها والرافع لها بعد وقوعها، فمن توكل عليه حفظه ووقاه وكفاه (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).
• قال السعدي: وفي هذه الآية وما أشبهها أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير تابعة للقضاء والقدر، ليست مستقلة في التأثير.
(وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ) أي: الذي يضرهم في دينهم ودنياهم وأخراهم ضرراً محضاً ولهذا قال:
(وَلا يَنْفَعُهُمْ) فأثبت ضرره ونفى نفعه.
واختار ابن جرير (مَا يَضُرُّهُمْ) في دينهم (وَلا يَنْفَعُهُمْ) في معادهم، فقال رحمه الله:
(وَيَتَعَلَّمُونَ) أَيْ النَّاسُ الَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ مِنَ الْمَلَكَيْنِ، مَا أَنْزَلَ إلَيْهِمَا مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا السِّحْرَ الَّذِي يَضُرُّهُمْ فِي دِينِهِمْ (وَلَا يَنْفَعُهُمْ) فِي مَعَادِهِمْ. فَأَمَّا فِي الْعَاجِلِ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يَكْسِبُونَ بِهِ وَيُصِيبُونَ بِهِ مَعَاشاً.
• فهم يتعلمون ما يضرهم ضرراً محضاً لا فائدة فيه بوجه من الوجوه وذلك لأمور:
أولاً: أن تعلم السحر كفر، والكفر ضد الإيمان، وإذا فقد الإنسان الإيمان فقد خسر خسراناً كبيراً.
ثانياً: أن ما يأخذه الساحر من أموال الناس بالباطل مقابل عمله الباطل، يذهب سحتاً لا بركة فيه.
(وَلَقَدْ عَلِمُوا) أي: اليهود الذين استبدلوا بالسحر عن متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، النابذون لكتاب الله وراء ظهورهم.
(لَمَنِ اشْتَرَاهُ) أي: لمن اختاره واعتاض به عن الإيمان.
(مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ) أي: في الدار الآخرة، وسميت آخرة لأنها متأخرة زمناً بعد الدنيا، وإلا فهي الدار الحقيقية كما قال تعالى (وإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).
(مِنْ خَلاقٍ) أي: من نصيب من خير.