هذا التنويه بهذا القرآن في كماله وعدم تناقضاته يستوجب حمد الله تعالى (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا).
(هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) أي هاد للمؤمنين والمؤمنات الذين اتقوا عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه، فالقرآن هاد لمن اتبعه وعمل بما فيه لكل خير وسعادة في الدنيا والآخرة.
• فالقرآن العظيم يُطلق هداه على الهدى العام، ويطلق هداه على الهدى الخاص.
فالهدى العام معناه بيان الطريق وإيضاح المحجة البيضاء، وبيان الحق من الباطل، والنافع من الضار، ومنه (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ) أي: بينا الحق على لسان نبينا صالح، ومنه قوله تعالى (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ).
وأما الهدى الخاص فمعناه توفيق الله لعبده حتى يهتدي إلى ما يرضي ربه، ويكون سبب دخوله الجنة، ومنه قوله (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي).
وخصهم المتقين بالذكر لأنهم هم المنتفعون بآيات الله، كما قال تعالى (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) فخصهم بالإنذار لأنهم المنتفعون به، وإلا فالإنذار للجميع. (الشنقيطي).
• وقال رحمه الله: قوله تعالى (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) خصص في هدى هذا الكتاب بالمتقين، وقد جاء في آية أخرى ما يدل على أن هداه عام لجميع الناس، و هي قوله تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ) الآية.
[ووجه الجمع بينهما]
أن الهدى يستعمل في القرآن استعمالين: أحدهما عام والثاني خاص.
أما الهدى العام: فمعناه إبانة طريق الحق وإيضاح المحجة سواء سلكها المبين له أم لا.
ومنه بهذا المعنى قوله تعالى (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ) أي بينا لهم طريق الحق على لسان نبينا صالح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام مع أنهم لم يسلكوها بدليل قوله عز وجل (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى).