و منها: أن هذا أكبر دليل على أن معرفة ما أنزل الله إلينا من أعظم ما يربي عقولنا ويجعلها عقولاً تفهم الحقائق النافعة والضارة، وترجح هذه على هذه، ولا تميل بها الأهواء و الأعراض و الخيالات و الخرافات المفسدة للعقول.
• قال البقاعي: وسبب تكثير الأدلة أنّ عقول الناس متفاوتة.
• قال ابن القيم: الرب تبارك وتعالى يدعو عباده في القرآن إلى معرفته من طريقين:
أحدهما: النظر في مفعولاته، والثاني: التفكر في آياته وتدبرها، فتلك آياته المشهودة، وهذه آياته المسموعة.
• قال ابن القيم مبيناً من يعتبر بآيات الله الكونية والشرعية:
قال تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) وقال (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) فأخبر عن آياته المشهودة العيانية أنها إنما ينتفع بها أهل الصبر والشكر، كما أخبر عن آياته الإيمانية القرآنية أنها إنما ينتفع بها أهل التقوى والخشية والإنابة ومَن
كان قصده اتباع رضوانه، وأنها إنما يتذكر بها من يخشاه سبحانه كما قال (طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى) وقال في الساعة (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا).
وأما من لا يؤمن بها ولا يرجوها ولا يخشاها فلا تنفعه الآيات العيانية ولا القرآنية، ولهذا لما ذكر سبحانه في سورة هود عقوبات الأمم المكذبين للرسل وما حل بهم في الدنيا من الخزي، قال بعد ذلك (إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة) فأخبر أن في عقوباته للمكذبين عبرة لمن خاف عذاب الآخرة.