للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا (٣٦)). [النساء: ٣٦].

(واعْبُدُوا اللَّهَ) أي: اخضعوا وذلوا لله سبحانه وتعالى.

• وأصل العبادة في لغة العرب: الذل والخضوع، وقيل للعبد (عبد) لذله وخضوعه لسيده، فالعبادة: الذل والخضوع على وجه المحبة خاصة، فلا تكفي المحبة دون الذل والخضوع، ولا يكفي الذل والخضوع دون المحبة، لأن الإنسان إذا كان ذله متجرداً عن محبة الله يُبغض الذي هو يذل له، ومن أبغض ربه هلك، وإذا كانت محبةً خالصة لا خوف معها، فإن المُحب الذي لا يُداخله خوف يحمله الدلال على أن يسيء الأدب، ويرتكب أموراً لا تنبغي، والله عز وجل لا يليق به شيء من ذلك (قاله الشنقيطي).

• فالعبادة تطلق على معنيين: احدهما: التعبد: يعني التذلل لله، كما سبق.

وتطلق على المتعبد به (بالنسبة لأفعال العباد) وهي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة القلبية والجوارحية. (ذكر ذلك ابن تيمية).

• في هذه الآية وجوب عبادة الله عز وجل، وقد جاءت النصوص الآمرة بذلك:

قال تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً).

وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

وقال تعالى (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا).

وقال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً).

وقال تعالى (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ).

وقال تعالى (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ).

وأمر تعالى بعبادته حتى الموت. فقال تعالى (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).

بل الناس ما خلقوا إلا لعبادة الله تعالى كما قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).

وأمر الله بها جميع رسله:

كما قال نوح لقومه (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)، وكذلك قال هود، وصالح، وشعيب، وغيرهم.

وأخبر الله أنه أرسل في كل أمة رسولاً لهذا الغرض.

قال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>