(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَقْرَبُواْ الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (٤٣)). [النساء: ٤٣].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تقدم فائدة تصدير النداء بهذا.
(لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) قال ابن كثير: ينهى الله تعالى عباده المؤمنين عن فعل الصلاة في حال السكر الذي لا يدري معه المصلي ما يقول، وعن قربان محلها وهي المساجد للجنب.
• فالمراد بالصلاة عند كثير من العلماء: الهيئة المخصوصة من قراءة وقيام وركوع وسجود، والمراد بقربها: القيام إليها والتلبس بها، إلا أنه - سبحانه - نهى عن القرب منها مبالغة في النهى عن غشيانها وهم بحالة تتنافى مع جلالها والخشوع فيها، ومن العلماء من يرى أن المراد بالصلاة هنا: مواضعها وهي المساجد.
• قال الرازي: قوله تعالى (لَا تَقْرَبُواْ الصَّلَاةَ) في لفظ الصلاة قولان:
أحدهما: المراد منه المسجد، وهو قول ابن عباس وابن مسعود والحسن، وإليه ذهب الشافعي.
واعلم أن إطلاق لفظ الصلاة على المسجد محتمل، ويدل عليه وجهان:
الأول: أنه يكون من باب حذف المضاف، أي لا تقربوا موضع الصلاة، وحذف المضاف مجاز شائع، والثاني: قوله: (لَّهُدّمَتْ صوامع وَبِيَعٌ وصلوات) والمراد بالصلوات مواضع الصلوات، فثبت أن إطلاق لفظ الصلاة والمراد به المسجد جائز.
والقول الثاني: وعليه الأكثرون: أن المراد بالصلاة في هذه الآية نفس الصلاة، أي لا تصلوا إذا كنتم سكارى.
• قال (لا تقربوا) ولم يقل (لا تصلوا وأنتم سكارى) مبالغة في النهي.
• الصلاة يشمل فرضها ونفلها.
• السكارى جمع سكران وهو: من زال عقله بالخمر على سبيل اللذة والنشوة والطرب، وقيل: سكارى من النوم، وهذا قول ضعيف.
• قال القرطبي: والجمهور من العلماء وجماعة الفقهاء على أن المراد بالسكر سكر الخمر؛ إلا الضحاك فإنه قال: المراد سكر النوم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- (إذا نعس أحدكم في الصلاة فلْيرقُدْ حتى يذهب عنه النوم، فإنه لا يدري لعلّه يستغفر فيَسبّ نفسه)