(وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ) يعني بالقرآن الذي أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- النبي الأمي العربي بشيراً ونذيراً وسراجاً منيراً مشتملاً على الحق من الله تعالى مصدقاً لما بين يديه من التوراة والإنجيل.
• قال أبو العالية رحمه الله في قوله تعالى (وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم) يقول: يا معشر أهل الكتاب آمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم، يقول لأنهم يجدون محمداً -صلى الله عليه وسلم- مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل.
• قال الرازي: اعلم أن المخاطبين بقوله (وَءامِنُواْ) هم بنو إسرائيل ويدل عليه وجهان:
الأول: أنه معطوف على قوله (اذكروا نِعْمَتِيَ التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) كأنه قيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي وآمنوا بما أنزلت.
الثاني: أن قوله تعالى: (مُصَدّقاً لّمَا مَعَكُمْ) يدل على ذلك.
• قوله تعالى (مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ) التصديق لما معهم له معنيان:
أولاً: أنه شاهد لها بالصدق، وقد شهد القرآن أن التوراة والإنجيل كليهما من عند الله.
ثانياً: أنه جاء مطابقاً لما أخبرت به.
(وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ) أي: ولا تكونوا أول كافر به وعندكم فيه من العلم ما ليس عند غيركم.
فالضمير في قوله (به) عائد إلى القرآن والمعنى: ولا تكونوا أول من كفر بالقرآن وحقكم أن تؤمنوا به.
• فإن قيل: كيف قال (أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ) مع أن كفار قريش بمكة قد كفروا قبلهم؟
الجواب: قال ابن كثير: يعني (به) أول من كفر به من بني إسرائيل، لأنه قد تقدمهم من كفار قريش وغيرهم من العرب بشر كثير، وإنما المراد أول من كفر به من بني إسرائيل مباشرة، فإن يهود المدينة أول بني إسرائيل خوطبوا بالقرآن فكفْرهم به يستلزم أنهم أول من كفر به من جنسهم.