(لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)). [البقرة: ٢٣٦].
(لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) أي: لا إثم عليكم أيها الرجال إن طلقتم النساء قبل المسيس (الجماع) وقبل أن تفرضوا لهن مهراً.
قوله تعالى (أو تفرضوا .. ) (أو) حرف عطف بمعنى الواو، والجملة معطوفة على قوله (تمسوهن) أي: مالم تمسوهن وتفرضوا لهن فريضة.
• قال القرطبي: (أو) في (أَوْ تَفْرِضُوا) قيل هو بمعنى الواو؛ أي ما لم تمسوهن ولم تفرضوا لهن؛ كقوله تعالى (وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَآءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ) أي: وهم قائلون.
وقولِه (وَأَرْسَلْنَاهُ إلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) أي: ويزيدون.
وقوله (وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) أي: وكفوراً.
وقوله (وَإِنْ كُنْتُمْ مرضى أَوْ على سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الغآئط) معناه وجاء أحد منكم من الغائط وأنتم مرضى أو مسافرون.
• قال الرازي مبيناً أقسام المطلقات:
أحدها: المطلقة التي تكون مفروضاً لها ومدخولاً بها وقد ذكر الله تعالى فيما تقدم أحكام هذا القسم وهو أنه لا يؤخذ منهن على الفراق شيء على سبيل الظلم ثم أخبر أن لهن كمال المهر، وأن عدتهن ثلاثة قروء.
والقسم الثاني: من المطلقات ما لا يكون مفروضاً ولا مدخولاً بها وهو الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية، وذكر أنه ليس لها مهر، وأن لها المتعة بالمعروف.
والقسم الثالث: من المطلقات: التي يكون مفروضاً لها، ولكن لا يكون مدخولاً بها.
وهي المذكورة في الآية التي بعد هذه الآية، وهي قوله سبحانه وتعالى (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ).
واعلم أنه تعالى بين حكم عدة غير المدخول بها وذكر في سورة الأحزاب أنه لا عدة عليها البتة، فقال (إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتّعُوهُنَّ).