وبذل السلام للعالم يتضمن: تواضعه وأنه لا يتكبر على أحد، بل يبذل السلام للصغير والكبير، والشريف والوضيع، ومن يعرفه ومن لا يعرفه …
وأما الإنفاق مع الإقتار فلا يصدر إلا عن قوة ثقة بالله، وأن الله يُخلفه ما أنفقه، وعن قوة يقين، وتوكل، ورحمة، وزهد في الدنيا، ووثوق بوعد مَنْ وعده مغفرة منه وفضلاً، وتكذيباً بوعد من يعده الفقر ويأمره بالفحشاء.
[الثاني: ابتداء السلام سنة.]
وهذا قول جماهير العلماء، بل حكاه بعضهم إجماعاً.
قال -صلى الله عليه وسلم- (حَقُّ المُسْلِم عَلَى المُسْلِم ستٌّ: إِذَا لَقيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأجبْهُ، وإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ الله فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْه) رواه مسلم.
ونقل ابن مفلح عن شيخ الإسلام ابن تيمية أن ابتداء السلام واجب في أحد القولين في مذهب أحمد، وهو ظاهر ما نقل عن الظاهرية عندالمالكية (في غير المشهور) أن الابتداء بالسلام من الواحد فرض.
وعلى قول الجمهور هو سنة على الكفاية فإن كانوا جماعة فسلم واحد منهم كفى عن جميعهم ولو سلم كلهم كان أفضل وأكمل، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يجزي عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدكم ويجزي عن الجلوس أن يرد أحدكم» أخرجه أبو داود.
ا لثالث: رد السلام واجب.
لهذه الآية (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا).
قال -صلى الله عليه وسلم- (حَقُّ المُسْلِم عَلَى المُسْلِم خَمْسٌ: رَدُّ السَّلامِ، وَعِيَادَةُ المَريض، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإجَابَةُ الدَّعْوَة، وتَشْميتُ العَاطِس) متفق عليه.
الأمر للوجوب فهو واجب عينًا على المسلَّم عليه إذا كان واحدًا، وواجب على الكفاية إذا كانوا مجموعة، وإن ردوا جميعًا فهو أفضل.
[الرابع: إذا لم يسمعوا السلام.]
عن أنسٍ -رضي الله عنه-: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا تكلم بِكَلِمَةٍ أعَادَهَا ثَلاثَاً حَتَّى تُفهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سلم عَلَيْهِمْ ثَلَاثاً. رواه البخاري.
قال النووي: وهذا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الجَمْعُ كَثِيراً.