(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) أي: تمنى وحب كثير من اليهود والنصارى.
وسموا أهل الكتاب، لأن الله أنزل عليهم الكتاب، فأنزل على اليهود التوراة، وعلى النصارى الإنجيل.
(لَوْ يَرُدُّونَكُمْ) أي: لو يصيرونكم كفاراً بعد أن آمنتم.
(مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً) الخطاب للمؤمنين من هذه الأمة، أي: ودوا وتمنوا وأحبوا لو يرجعونكم من بعد إيمانكم بالله ورسوله وبما أنزل على رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي والشرع المطهر.
(كُفَّاراً) مرتدين عن دينكم، متبعين لهم في دينهم، كما قال تعالى (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ).
(حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) أي: حسداً منهم لكم حملتهم عليه أنفسهم الخبيثة، فقوله (من عند أنفسهم) أي: هذا الحسد ناشئ من نفوسهم.
قال الضحاك عن ابن عباس: إن رسولاً أمياً يخبرهم بما في أيديهم في الكتاب والرسل والآيات، ثم يصدق بذلك كله مثل تصديقهم، ولكنهم جحدوا ذلك كفراً وحسداً وبغياً.
قوله تعالى (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) أي من تلقائهم من غير أن يجدوه في الكتاب ولا أمروا به، ولفظة الحسد تعطي هذا، فجاء (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) تأكيداً وإلزاماً، كما قال تعالى (يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ) وقوله (وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ).
والحسد: تمني زوال نعمة الله عن الغير، سواء تمنى كونها له أو لغيره، أو مجرد زوالها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الحسد كراهة نعمة الله على الغير.