للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختاره ابن كثير حيث قال: وهذا التنزيل على هذا المعنى أحسن مما ذكره كثير من المنطقيين: أن عدول إبراهيم عن المقام الأول إلى المقام الثاني انتقال من دليل إلى أوضح منه، ومنهم من قد يطلق عبارة ردية، وليس كما قالوه بل المقام الأول يكون كالمقدمة للثاني ويُبَيّن بطلان ما ادعاه نمروذ في الأول والثاني، ولله الحمد والمنة.

(فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) أي: فلما علم عجزه وانقطاعه، وأنه لا يقدر على المكابرة في هذا المقام بهت أي: أخرس فلا يتكلم، وقامت عليه الحجة.

(وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي: لا يهديهم في الحجة عند الخصومة لما هم عليه من الضلالة.

• قال ابن عاشور: وإنّما انتفى هدي الله للقوم الظالمين، لأنّ الظلم حائل بين صاحبه وبين التنازل إلى التأمّل من الحجج

وإعمال النظر فيما فيه النفع؛ إذ الذهن في شاغل عن ذلك بزهوه وغروره.

[الفوائد]

١ - أن المجادلة لإبطال الباطل، وإحقاق الحق من مقام الرسل.

٢ - فضل إبراهيم الخليل -عليه السلام- حيث قام بالدعوة إلى التوحيد.

قال تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

وقال تعالى (شَاكِراً لَأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).

وقال تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ).

وقال تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).

٣ - الإشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يتعلم طرق المناظرة والمحاجة، لأنها وسيلة لإحقاق الحق، وإبطال الباطل.

٤ - أن النعمة والترف قد تكون سبباً للطغيان.

٥ - أن الإحياء والإماتة بيد الله.

٦ - إثبات أن من جحد الله فهو كافر.

٧ - التحذير من الظلم بجميع أنواعه.

٨ - فضل العدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>