وهو الذي ورد في السنة كما في حديث سليمان بن صُرد قال (استب رجلان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسب صاحبه، مغضباً قد احمر وجهه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إني لأعلم كلمة لو قالها، لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، … ) متفق عليه.
قال ابن عطية: وأما لفظ الاستعاذة، فالذي عليه جمهور الناس، هو لفظ كتاب الله تعالى (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
الصيغة الثاني: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، كما قال تعالى (فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم).
الصيغة الثالثة: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.
كما في حديث أبي سعيد الذي عند أبي داود عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل فاستفتح صلاته
وكبر قال (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك ـ ثم يقول ـ أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه).
قال ابن كثير: وقد فسر الهمز بالموتة وهي الخنق، والنفخ الكبر، والنفث الشعر [الشعر المذموم].
• الحكمة من الاستعاذة قبل القراءة:
أولاً: أن القرآن شفاء لما في الصدور يُذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات.
ثانياً: أن الملائكة تدنو من قارئ القرآن وتستمع لقراءته، والشيطان ضد الملك وعدوه، فأمر القارئ أن يطلب من الله تعالى مباعدة عدوه عنه.
ثالثاً: أن الشيطان يُجلب بخيله ورجله على القارئ حتى يشغله عن المقصود بالقرآن.
رابعاً: أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهم بالخير أو يدخل فيه. [إغاثة اللهفان: ١/ ١٠٧].
• ذهب جماهير العلماء أن الاستعاذة تكون قبل القراءة، ويدل لذلك:
قوله تعالى (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله) المعنى: إذا أردت القراءة فاستعذ بالله.
قال الشنقيطي في قوله تعالى: (فإذا قرأت لقرآن فاستعذ بالله): إنه على حذف الإرادة، أي إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله، والدليل على ذلك تكرر حذف الإرادة في القرآن، وفي كلام العرب، لدلالة المقام عليه، كقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم .. ) الآية، أي إذا أردتم القيام إليها. … [أضواء البيان:].
وأيضاً فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنه كان يستعيذ قبل القراءة.
وقال بعض العلماء: تكون الاستعاذة بعد القراءة، على ظاهر الآية (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله).
والراجح قول الجمهور.