(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) أمر الله بقتال الكفار أينما وجدوا في كل وقت وفي كل زمان، قتال مدافعة، وقتال مهاجمة.
(وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) قال الطبري: يعني بذلك المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم ومنازلهم بمكة، فقال لهم تعالى ذكره: أخرجوا هؤلاء الذين يقاتلونكم - وقد أخرجوكم من دياركم - من مساكنهم وديارهم كما أخرجوكم منها.
• قال ابن عاشور: قوله (وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) أي يحل لكم حينئذٍ أن تخرجوهم من مكة التي أخرجوكم منها، وفي هذا تهديد للمشركين ووعد بفتح مكة، فيكون هذا اللقاء لهذه البشرى في نفوس المؤمنين ليسْعوا إليه حتى يدركوه وقد أدركوه بعد سنتين، وفيه وعد من الله تعالى لهم بالنصر كما قال تعالى (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ).
ولما كان الجهاد فيها إزهاق النفوس وقتل الرجال، نبه تعالى على أن ما هم مشتملون عليه من الكفر بالله، والشرك بالله، والصد عن سبيله، أبلغ وأشد وأعظم من القتل، فقال:
(وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) قال مجاهد: أي من أن يقتل المؤمن، فالقتل أخف عليه من الفتنة.
• قال الطبري: وابتلاء المؤمن في دينه حتى يرجع عنه فيصير مشركاً بالله بعد إسلامه، أشد عليه وأضر من أن يقتل مقيماً على دينه، متمسكاً عليه محقاً فيه.
(وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ) أي لا تبدءوا - أيها المؤمنون - المشركين بالقتال عند المسجد الحرام، حتى يبدأوكم به هناك عند المسجد الحرام في الحرم، فاقتلوهم، فإن الله جعل ثواب الكافرين على كفرهم وأعمالهم السيئة القتل في الدنيا والخزي الطويل في الآخرة.