(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) أي: بالذي أنزل إليه من ربه من الوحي وهو القرآن والسنة المطهرة.
والمراد بالرسول هنا: محمد -صلى الله عليه وسلم-.
• وفي هذه ثناء من الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين.
(وَالْمُؤْمِنُونَ) عطف على الرسول، أي: وآمن المؤمنون الذين حققوا الإيمان بما أنزل إليه -صلى الله عليه وسلم- من ربه من الوحي، وانقادوا لذلك ظاهراً وباطناً.
(كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ) أي: كل من الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون آمن بالله.
[والإيمان بالله يتضمن عدة أمور]
[الأمر الأول: الإيمان بوجود الله دون شك ولا ريب.]
وقد دل على وجوده سبحانه الفطرة والعقل والشرع والحس.
أما الفطرة: فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- (ما من مولود يولد إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصّرانه أو يمجسانه) متفق عليه.
وأما العقل: فلأن هذه الموجودات والمخلوقات سابقها ولاحقها لابد لها من خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجد بنفسها، لأن الشيء لا يخلق نفسه، ولا يمكن أن توجد صدفة، لأن كل حادث لابد له من محدِث، وكل موجود لابد له من موجِد. (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ).
وأما الحس: فإننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين وغوث المكروبين ما يدل دلالة قاطعة على وجوده سبحانه وتعالى.
قال تعالى (وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).
وعن أنس (أن أعرابياً دخل يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب فقال: يا رسول الله! هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا، فرفع يديه ودعا فثار السحاب ونزل المطر … ) متفق عليه.
وأما دلالة الشرع: فلأن الكتب السماوية كلها ناطقة بذلك.
[الأمر الثاني: الإيمان بربوبية الله تعالى.]
أي: بأنه الرب لا شريك له ولا معين، فلا خالق إلا الله، ولا مالك إلا الله، ولا مدبر إلا الله، فهو خالق كل شيء ومالكه ومدبره
قال تعالى (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ).