للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) أي: من بعد ما وصل إليك من العلم بإبلاغي إياك أنهم مقيمون على باطل وعلى عناد منهم للحق ومعرفة منهم أن القبلة التي وجهتك إليها هي القبلة التي فرضت على أبيك إبراهيم -عليه السلام- وسائر ولده من بعده من الرسل التوجه نحوها.

(إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) يعني: إنك إذا فعلت ذلك من عبادي الظلمة أنفسهم المخالفين أمري والتاركين طاعتي. …

وأي ظلم أعظم، من ظلم، من علم الحق والباطل، فآثر الباطل على الحق، وهذا وإن كان الخطاب له -صلى الله عليه وسلم- فإن أمته داخلة في ذلك، وأيضاً، فإذا كان هو -صلى الله عليه وسلم- لو فعل ذلك -وحاشاه- صار ظالماً مع علو مرتبته، وكثرة حسناته، فغيره من باب أولى وأحرى. (تفسير السعدي).

• هذا الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمراد أمته.

• وفي الآية تهديد ووعيد للعالم عن مخالفة الحق الذي يعلمه، فإن العالم الحجة عليه أقوم من غيره.

كما قال تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً).

وقال تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ. وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ … ).

وفي الحديث ( … يؤتى بالرجل فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه … الحديث وفيه: أنه يقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه) متفق عليه.

وحديث (أول من تسعر بهم النار ثلاثة، … ومنهم: عالم تعلم العلم ليقال: عالم) رواه مسلم.

• قال الشوكاني: وإن كان من أهل العلم والفهم المميزين بين الحق والباطل كان في اتباعه لأهويتهم ممن أضله الله على علم وختم على قلبه، وصار نقمة على عباد الله ومصيبة صبها الله على المقصرين، لأنهم يعتقدون أنه في علمه وفهمه لا يميل إلا إلى

حق، ولا يتبع إلا الصواب، فيضلون بضلاله، فيكون عليه إثمه وإثم من اقتدى به إلى يوم القيامة. …

[الفوائد]

١ - أن رد الحق بعد معرفته وقيام الأدلة عليه من صفات أهل الكتاب وبخاصة اليهود.

٢ - اختلاف قبلة اليهود والنصارى، فاليهود قبلتهم إلى بيت المقدس، والنصارى قبلتهم إلى المشرق.

٣ - ذم أهل الكتاب باتباعهم أهواءهم.

٤ - وجوب اتباع الحق إذا ظهرت آياته.

٥ - تحذير الأمة من اتباع أهواء غير المؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>