ولهذا قال ميمون بن مهران: مَن أخذ أكثر مما أعطى لم يسرّح بإحسان.
والراجح أن الزوجة إن بذلت له الزيادة ابتداءً جاز له أخذها، مع أن هذا ليس من مكارم الأخلاق، وأما إذا طلب هو الزيادة فإنه يمنع لأمرين:
الأمر الأول: أن الزيادة ليس لها حد، والنفوس مجبولة على حب الطمع.
الأمر الثاني: أن إباحة الزيادة قد تغري الأزواج بالعضل.
(تِلْكَ) الإشارة إلى ما سبق من الأحكام الشرعية في الطلاق والخلع وغيرهما.
(حُدُودُ اللَّهِ) أي: أحكامه وشرائعه، وسميت حدوداً لأنه يجب القيام بها ولا يجوز تجاوزها ولا تعديها.
• وحدود الله تنقسم إلى قسمين:
حدود أوامر وواجبات، فلا يجوز تعديها.
قال تعالى هنا (فَلا تَعْتَدُوهَا) وقال سبحانه (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ).
والقسم الثاني: حدود نواهٍ ومحرمات، فهذه يجب تركها وعدم قربها.
قال تعالى (تلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا)؟
(فَلا تَعْتَدُوهَا) أي: أقيموها ولا تتجاوزوها.
(وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ) أي: ومن يتجاوز أوامر الله ويرتكب نواهيه.
(فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الذين ظلموا أنفسهم وزوجاتهم، واقتحموا الحرام ولم يسعهم الحلال.
• والظلم وضع الشيء في غير موضعه.
وأظلم الظلم الشرك، قال تعالى حاكياً عن لقمان أنه قال لابنه (يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
• وقال السعدي: قوله تعالى (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وأي ظلم أعظم ممن اقتحم الحلال، وتعدى منه إلى الحرام، فلم يسعه ما أحل الله.