(قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ) قال الطبري: أجمع أهل العلم بالتأويل جميعاً أن هذه الآية نزلت جواباً لليهود من بني إسرائيل؛ إذ زعموا أن جبريل عدو لهم، وأن ميكائيل ولي لهم.
عن ابن عباس قال (أقبلت يهود على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا أبا القاسم؛ أخبرنا عن خمسة أشياء، فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي واتبعناك، فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قال: والله على ما نقول وكيل، قال: هاتوا، قالوا: أخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر؟ قال: يلتقي الماءان، فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت. قالوا: أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه؟ قال: كان يشتكي عرق النساء، فلم يجد شيئاً يلائمه إلا ألبان كذا - قال أحمد: قال بعضهم يعني الإبل - فحرم لحومها. قالوا: صدقت. قالوا: فأخبرنا ما هذا الرعد؟ قال: ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيديه أو في يديه مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمره الله تعالى. قالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: صوته. قالوا: صدقت. قالوا: إنما بقيت واحدة وهي التي نتابعك إن أخبرتنا بها، إنه ليس من نبي إلا وله ملك يأتيه بالخير، فأخبرنا من صاحبك؟ قال:
جبريل -عليه السلام-. قالوا: جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا، لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والقطر والنبات لكان، فأنزل الله (قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ … ).
• قال ابن عاشور: ومن عجيب تهافت اعتقادهم أنهم يثبتون أنه ملك مرسل من الله ويبغضونه، وهذا من أحط دركات الانحطاط في العقل والعقيدة، ولا شك أن اضطراب العقيدة من أكبر مظاهر انحطاط الأمة لأنه ينبئ عن تظاهر آرائهم على الخطأ والأوهام.