(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣)). [البقرة: ١٣]
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ) يقول تعالى: وإذا قيل للمنافقين آمنوا كما آمن الناس أي كإيمان الناس بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والجنة والنار وغير ذلك مما أخبر المؤمنين به وعنه.
• قال أبو السعود: قوله تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ) من قِبَل المؤمنين بطريق الأمر بالمعروف إثرَ نهيِهم عن المنكر إتماماً للنُصح وإكمالاً للإرشاد:
(قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ) قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء، يعنون ـ لعنهم الله ـ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
• السفيه: هو الذي لا يعرف مصالح نفسه ضعيف الرأي، ولهذا سمى الله النساء والصبيان سفهاء في قوله تعالى (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً) قال ابن كثير: قال عامة علماء التفسير هم النساء والصبيان.
• فإن قلت: كيف يصح النفاق مع المجاهرة بقولهم (أنؤمن كما آمن السفهاء) فالجواب: كانوا يظهرون هذا القول فيما بينهم لا عند المؤمنين.
• قال القرطبي: وهذا القول من المنافقين إنما كانوا يقولونه في خفاء واستهزاء فأطلع الله نبيّه والمؤمنين على ذلك، وقرّر أن السَّفه ورِقّة الحُلُوم وفساد البصائر إنما هي في حيزِّهم وصفة لهم، وأخبر أنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون للرَّينْ الذي على قلوبهم.
(أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ) ألا أنهم هم السفهاء، فأكد وحصر السفاهة فيهم.
في هذه الآية يرد الله عليهم، ويخبر أنهم هم السفهاء على الحقيقة، لأن حقيقة السفه جهل الإنسان بمصالح نفسه، وسعيه فيما يضرها، وهذه الصفة منطبقة عليهم.
(وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ) يعني ومن تمام جهلهم أنهم لا يعلمون بحالهم في الضلالة والجهل وذلك أردى لهم وأبلغ في العمى والبعد عن الهدى.
• قال ابن القيم: لما دعا أهل الإيمان أهل النفاق إلى الإيمان، أجاب أهل النفاق بقولهم (أنؤمن كما آمن السفهاء) فرد الله عليهم وأسجل عليهم بأربعة أنواع: الأول: تسفيهم. الثاني: حصر السفه فيهم، الثالث: نفي العلم عنهم، الرابع: تكذيبهم فيما تضمنه جوابهم من الإخبار عن سفه أهل الإيمان، الخامس: أيضاً وهو تكذيبهم فيما تضمنه جوابهم من دعواهم التنزيه من السفه.