للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٠)). [سورة البقرة: ١٤٩ - ١٥٠].

(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ. وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) هذا أمر ثالث من الله تعالى باستقبال المسجد الحرام من جميع أقطار الأرض، وقد اختلفوا في حكمة التكرار ثلاث مرات:

أحدها: أن الأحوال ثلاثة، أولها: أن يكون الإنسان في المسجد الحرام، وثانيها: أن يخرج عن المسجد الحرام ويكون في البلد، وثالثها: أن يخرج عن البلد إلى أقطار الأرض، فالآية الأولى محمولة على الحالة الأولى، والثانية على الثانية، والثالثة على الثالثة، لأنه قد كان يتوهم أن للقرب حرمة لا تثبت فيها للعبد، فلأجل إزالة هذا الوهم كرر الله تعالى هذه الآيات.

والجواب الثاني: أنه سبحانه إنما أعاد ذلك ثلاث مرات لأنه علق بها كل مرة فائدة.

أما في المرة الأولى فبين أن أهل الكتاب يعلمون أن أمر نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- وأمر هذه القبلة حق، لأنهم شاهدوا ذلك في التوراة والإنجيل، وأما في المرة الثانية فبين أنه تعالى يشهد أن ذلك حق، وشهادة الله بكونه حقاً مغايرة لعلم أهل الكتاب بكونه حقاً،

وأما في المرة الثالثة فبين أنه إنما فعل ذلك لئلا يكون للناس عليكم حجة، فلما اختلفت هذه الفوائد حسنت إعادتها لأجل أن يترتب في كل واحدة من المرات واحدة من هذه الفوائد، ونظيره قوله تعالى (فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكتاب بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِندِ الله لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مّمَّا كَتَبَتْ أيديهم وويل لهم مما يكسبون).

<<  <  ج: ص:  >  >>