للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً). [سورة النساء: ٩٤].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بقلوبهم وعملوا بجوارحهم.

(إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أي: إذا سافرتم في الأرض للجهاد في سبيل الله.

(فَتَبَيَّنُوا) وفي قراءة أخرى (فتثبتوا) والمعنى: لا تعجلوا وتبينوا حتى ينبين لكم المؤمن من الكافر.

(وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) روى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس قال: كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون، فال: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غنيمته، فأنزل الله في ذلك إلى قوله: عرض الحياة الدنيا.

• قوله تعالى (أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ) وفي قراءة (السلم) أي: الإسلام.

• قوله تعالى (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) والمراد الغنيمة، وسمي متاع الدنيا عرضاً لأنه يزول ويذهب.

(فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ) أي: خير مما رغبتم فيه من عرض الحياة الدنيا الذي حملكم على قتل مثل هذا الذي ألقى إليكم السلام وأظهر إليكم الإيمان، فتغافلتم عنه واتهمتوه بالمصانعة والتقية، لتبتغوا عرض الحياة الدنيا، فما عند الله من المغانم الحلال خير لكم من مال هذا.

• أن الأحكام على الناس تجري على الظاهر وأما باطنهم فإلى الله.

• قال الشوكاني رحمه الله: والمراد هنا: لا تقولوا لمن ألقى بيده إليكم واستسلم لست مؤمناً فالسلم والسلام كلاهما بمعنى الاستسلام، وقيل هما بمعنى الإسلام: أي لا تقولوا لمن ألقى إليكم التسليم فقال السلام عليكم: لست مؤمناً والمراد نهي المسلمين عن أن يهملوا ما جاء به الكافر مما يستدل به على إسلامه ويقولوا إنه إنما جاء بذلك تعوذاً وتقية.

وقال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - (فالآية تدل على أنه يجب الكف عنه والتثبت، فإذا تبين منه بعد ذلك ما يخالف الإسلام قتل، لقوله تعالى: فتبينوا ولو كان لا يقتل إذا قالها للتثبت معنى، إلى أن يقول: (وإن من أظهر التوحيد والإسلام وجب الكف عنه إلى أن يتبين منه ما يناقض ذلك.

عن أسامة. (قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى سَرِيَّةٍ فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَأَدْرَكْتُ رَجُلاً فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِى نَفْسِى مِنْ ذَلِكَ فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفاً مِنَ السِّلَاحِ. قَالَ «أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا». فَمَازَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَىَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّى أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذ). متفق عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>