للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي: وقوله -صلى الله عليه وسلم- ( … أفلا شققت عن قلبه .. ) فيه دليل للقاعدة المعروفة في الفقه والأصول أن الأحكام يعمل فيها بالظواهر والله يتولى السرائر. ا. هـ.

وقال ابن حجر في فتح الباري: وكلهم أجمعوا على أن أحكام الدنيا على الظاهر والله يتولى السرائر.

وَكَذَا قال ابن عبد الْبَرِّ في التَّمْهِيدِ: أَجْمَعُوا أَنَّ أَحْكَامَ الدُّنْيَا على الظَّاهِرِ وَأَنَّ أَمْرَ السَّرَائِرِ إلَى اللَّهِ

وقال -صلى الله عليه وسلم- (إِنِّى لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُم) متفق عليه.

وقال -صلى الله عليه وسلم- (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، و أن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله).

والشاهد من الحديث قوله (وحسابهم على الله).

قال ابن رجب: وأما في الآخرة فحسابه على الله عز وجل، فإن كان صادقاً أدخله الله بذلك الجنة، و إن كان كاذباً فإنه من جملة المنافقين في الدرك الأسفل من النار.

وقال الحافظ في الفتح: أي أمر سرائرهم … وفيه دليل على قبول الأعمال الظاهرة والحكم بما يقتضيه الظاهر.

وقال الإمام البغوي: وفي الحديث دليل على أن أمور الناس في معاملة بعضهم بعضاً إنما تجري على الظاهر من أحوالهم دون باطنها، و أن من أظهر شعار الدين أجري عليه حكمه، ولم يكشف عن باطن أمره، ولو وجد مختون فيما بين قتلى غلف، عزل عنهم في المدفن، ولو وجد لقيط في بلد المسلمين حكم بإسلامه.

وأما في الآخرة فالأحكام تجري على ما في القلوب.

قال تعالى (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ).

وقال تعالى (أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ. وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ).

فلذلك على الإنسان أن يعتني بعمل القلب أكثر مما يعتني بعمل الجوارح.

(كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ) قيل: كنتم تخفون إيمانكم من المشركين كما استخفى هذا الراعي بإيمانه، وها اختيار ابن جرير، وقيل: كنتم مشركين ولم تكونوا مؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>