وإذا ثبت هذا وتقرّر ففِقهُ الآية أن يُقال: أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سُنّة مرغّب فيها، وردُّه فريضة؛ لقوله تعالى (فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ).
• قال ابن عاشور: وهذه الآية من آداب الإسلام: علّم الله بها أن يَردّوا على المسلّم بأحسنَ من سلامه أو بما يماثله، ليبطل ما كان بين الجاهلية من تفاوت السادة والدهماء.
• مباحث السلام:
[الأول: فضائله]
أولاً: من أسباب المحبة بين المسلمين.
قال -صلى الله عليه وسلم- (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا … ).
ثانياً: أنه من خير خصال الإسلام.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو م أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ قَالَ: (تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ) متفق عليه.
قال العلماء: جعل السلام على الجميع لمن يعرف ومن لا يعرف حتى يكون خالصاً لله تعالى، بريئاً من حظ النفس، والتصنع، لأنه شعار الإسلام، فحق كل مسلم فيه شائع.
ثالثاً: من أسباب دخول الجنة.
قال -صلى الله عليه وسلم- (يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، … تدخلوا الجنة بسلام). رواه الترمذي.
رابعاً: من علامات الإيمان.
قَالَ عَمَّارٌ: ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ.
قال العلامة ابن القيم في شرح هذه الكلمات:
وقد تضمنت هذه الكلمات أصول الخير وفروعه:
فإن الإنصاف يوجب عليه أداء حقوق الله كاملة موفّرة، وأداء حقوق الناس كذلك، وألا يطالبهم بما ليس له، ويعاملهم بما يحب أن يعاملوا به، ويحكم لهم وعليهم بما يحكم به لنفسه وعليها، ويدخل في هذا: إنصافه نفسه من نفسه، فلا يدعي لها ما ليس لها، ويُنميها ويرفعها بطاعة الله (تعالى) وتوحيده، وحبّه وخوفه.