• لأن الظلم ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: الشرك.
وهو أعظم الظلم وأشده.
كما قال تعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
وقال تعالى (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ) أي: من المشركين.
قال ابن رجب: فإن المشرك جعل المخلوق في منزلة الخالق، فعبده وتألهه، فوضع الأشياء في غير موضعها، وأكثر ما ذكر في القرآن من وعيد الظالمين، إنما أريد به المشركون كما قال الله تعالى (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
والثاني: ظلم العبد نفسه بالمعاصي.
كما قال تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ).
والثالث: ظلم العبد لغيره.
كما في الحديث (قال الله تعالى: إني حرمت الظلم وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) رواه مسلم.
وقال -صلى الله عليه وسلم- في خطبته في حجة الوداع (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا) متفق عليه.
وعن ابن عمر. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (الظلم ظلمات يوم القيامة) متفق عليه.
رابعاً: هو أعظم الذنوب.
قال -صلى الله عليه وسلم- لما سئل أي الذنب أعظم؟ - قال (أن تجعل لله نداً وهو خلقك) متفق عليه.
• فالشرك أعظم الذنوب، وإنما كان كذلك:
أولاً: لأن مضمونه تنقيص رب العالمين، وصرف خالص حقه لغيره.
وثانياً: ولأن الشرك تشبيه للمخلوق بالخالق تعالى في خصائص الإلهية من ملك الضر والنفع، والعطاء والمنع.
خامساً: لا يغفر الله لصاحبه إذا مات من غير توبة.
قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً).
سادساً: هو أكبر الكبائر.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ (أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ). قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَي؟ قَالَ: (ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ). قَالَ: قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ: (ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ) متفق عليه.
وعن أبي بكرة قَالَ (كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ - ثَلَاثاً - الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَوْ قَوْلُ الزُّورِ». وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُتَّكِئاً فَجَلَسَ فَمَازَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ) متفق عليه.