(سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢١١) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (٢١٢)). [البقرة: ٢١١ - ٢١٢].
(سَلْ بَنِي إِسْرائيلَ) يقول الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، سل - أيها الرسول - بني إسرائيل المعاندين لك.
• وفي المراد بالسؤال: التقرير والإذكار بالنعم، والتوبيخ على ترك الشكر.
• قال الشوكاني: وهو سؤال تقريع وتوبيخ.
(كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) أي: كم شاهدوا مع موسى (مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) أي: حجة قاطعة على صدقه فيما جاءهم به، كيده
وعصاه وفَلقِهِ البحر وضربهِ الحجر، وما كان من تظليل الغمام عليهم في شدة الحر، ومن إنزال المنّ والسلوى وغير ذلك من الآيات الدالات على وجود الفاعل المختار، وصدق من جرت هذه الخوارق على يديه، ومع هذا أعرض كثير منهم عنها، وبدلوا نعمة الله كفراً، أي: استبدلوا بالإيمان بها الكفر بها والإعراض عنها.
كما قال تعالى عن كفار قريش (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ. جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ).
• قال السعدي: وسمى الله تعالى كفر النعمة تبديلاً لها، لأن من أنعم الله بنعمةٍ دينية أو دنيوية فلم يشكرها ولم يقم بواجبها اضمحلت عنه وذهبت، وتبدلت بالكفر والمعاصي، فصار الكفر بدل النعمة.
(وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) أي: قوي الجزاء بالعقوبة.
• وسمي الجزاء عقوبة وعقاباً، لأنه يقع عقب الذنب مؤاخذة به.
(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) أي: زين وحسّن للذين كفروا بالله وبرسله الحياة الدنيا وشهواتها وما فيها من المتاع الزائل ونسوا الآخرة، فجمعوا الأموال من غير حلها، وصرفوها في غير مصرفها، وعظموا الدنيا وأهلها وعملوا من أجلها، فرضوا بها، واطمأنوا لها، وصارت أهواؤهم وإراداتهم وأعمالهم كلها لها، فأقبلوا عليها، وأكبوا على تحصيلها، وعظموها وعظموا من شاركهم في صنيعهم.
• والتزيين جعل الشيء بهياً في عين الإنسان أو في سمعه أو في مذاقه أو في فكره.