للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• والمزَيِّن إما أن يكون الله، كما في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ) وإما أن يكون الشيطان، كما قال تعالى (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) ولا منافاة بين الأمرين، فإن الله زين لهم سوء أعمالهم، لأنهم أساءوا كما يفيده قوله تعالى (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ)، والتزيين من الله باعتبار التقدير، أما الذي باشر التزيين ووسوس لهم بذلك فهو الشيطان. (ابن عثيمين).

• فعلى المسلم أن يحذر من الحياة الدنيا وشهواتها، ولهذا نهانا الله عن الاغترار بالكفار وما عليهم من الشهوات والملذات.

قال تعالى (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ. مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ).

وقال تعالى (وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى).

(وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) أي: ويستهزؤن بأهل الإيمان ويرمونهم بقلة العقل لتركهم الدنيا والتقلل منها.

• فيسخرون من أهل الإيمان: لفقرهم، ولتصديقهم بالبعث، ولإيمانهم بمحمد -صلى الله عليه وسلم-.

والسخرية والاستهزاء سنة ماضية من قِبل أعداء الإسلام لأهله، فقد سخر واستهزأ بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

قال تعالى (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ).

وقال تعالى (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ).

ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ الْكُفَّارَ اسْتَهْزَءُوا بِرُسُلٍ قَبْلَ نَبِيِّنَا -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَّهُمْ حَاقَ بِهِمُ الْعَذَابُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُفَصِّلْ هُنَا كَيْفِيَّةَ اسْتِهْزَائِهِمْ، وَلَا كَيْفِيَّةَ الْعَذَابِ الَّذِي أُهْلِكُوا بِهِ، وَلَكِنَّهُ فَصَّلَ كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ مِنْ مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ، فِي ذِكْرِ نُوحٍ وَقَوْمِهِ، وَهُودٍ وَقَوْمِهِ، وَصَالِحٍ وَقَوْمِهِ، وَلُوطٍ وَقَوْمِهِ، وَشُعَيْبٍ وَقَوْمِهِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

فَمِنَ اسْتِهْزَائِهِمْ بِنُوحٍ قَوْلُهُمْ لَهُ (بَعْدَ أَنْ كُنْتَ نَبِيًّا صِرْتَ نَجَّارًا).

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نُوحٍ (إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ).

وَذَكَرَ مَا حَاقَ بِهِمْ بِقَوْلِهِ (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ)، وَأَمْثَالَهَا مِنَ الْآيَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>