(وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (٨١)). [النساء: ٨١].
(وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ) يخبر تعالى عن المنافقين بأنهم يظهرون الموافقة والطاعة.
• قال القرطبي: وهذا في المنافقين في قول أكثر المفسرين؛ أي يقولون إذا كانوا عندك: أمْرُنا طاعَةٌ، أو نطيع طاعةً.
(فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ) أي: خرجوا وتواروا عنك.
(بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) أي: استسروا ليلاً فيما بينهم بغير ما أظهروه.
• قال البغوي: قال قتادة والكلبي: بيّت، أي: غيّر وبدّل الذي عهِد إليهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويكون التبييت بمعنى التبديل.
وقال أبو عبيدة: معناه قالوا وقدروا ليلاً غير ما أعطوك نهاراً، وكل ما قدّر بليل فهو تبييت.
(غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) قيل: غير الذي تقول أنت يا محمد، أنت أمرهم بالطاعة فهم بيتوا المخالفة والمعصية، وقيل: غير الذي
تقول هذه الطائفة عندك، فهذه الطائفة قالت لك يا محمد طاعة، فإذا خرجوا بيتوا شيئاً غير الذي قالوه.
• وإسناد هذا التبييت إلى طائفة منهم، لبيان أنهم هم المتصدون له بالذات، أما الباقون فتابعون لهم في ذلك، لا أنهم ثابتون على الطاعة.
(وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ) أي: يعلمه ويكتبه عليهم بما يأمر به حفظته الكاتبين، الذين هم موكلون بالعباد، يعلمون ما تفعلون، والمعنى في هذا التهديد، أنه تعالى أخبر بأنه عالم بما يضمرونه ويسرونه فيما بينهم، وما يتفقون عليه ليلاً من مخالفة الرسول وعصيانه، وإن كانوا قد أظهروا له الطاعة والموافقة، وسيجزيهم على ذلك.
• قال الشيخ ابن عثيمين: الجملة هذه خبريه تفيد أمرين:
أولاً: تهديد هؤلاء الذين يبيتون غير ما يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
ثانياً: تسلية الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأن أمرهم لا يخفى على الله، فقد يعاجلهم بالعقوبة وقد يؤخرهم.
(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) أي: اصفح عنهم واحلم عنهم ولا تشتغل بهم، لأنه قد طمست قلوبهم، والله يتولى أمرهم.
(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) أمر بالتوكل على الله، والتوكل على الله: هو: صدقالاعتماد على الله مع الثقة به مع فعل الأسباب.