(كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ) استفهام للتعجيب والتعظيم لكفرهم، أي: كيف يستحق الهداية قوم كفروا بعد إيمانهم.
(وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ) أي: بعد أن جاءتهم الشواهد ووضح لهم الحق أن محمداً رسول الله.
(وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ) أي: جاءتهم المعجزات والحجج البينات على صدق النبي -صلى الله عليه وسلم-.
• قال السعدي: لأنهم عرفوا الحق فرفضوه، ولأن من هذه الحالة وصفه، فإن الله يعاقبه بالانتكاس، وانقلاب القلب جزاء له، إذ عرف الحق فتركه، والباطل فآثره، فولاه الله ما تولى لنفسه.
• قال الرازي: اعلم أنه تعالى استعظم كفر القوم من حيث أنه حصل بعد خصال ثلاث:
أحدها: بعد الإيمان.
وثانيها: بعد شهادة كون الرسول حقاً.
وثالثها: بعد مجيء البينات، وإذا كان الأمر كذلك كان ذلك الكفر صلاحاً بعد البصيرة وبعد إظهار الشهادة، فيكون الكفر بعد هذه الأشياء أقبح لأن مثل هذا الكفر يكون كالمعاندة والجحود، وهذا يدل على أن زلة العالم أقبح من زلة الجاهل.
وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) تهديد لكل ظالم، وأعظم الظلم الشرك بالله تعالى.
الهداية المنفية هنا هداية التوفيق، أما هداية البيان والإرشاد فهي حاصلة لكل أحد.
• قال الشوكاني: وأما الهداية بمعنى الدلالة على الحق والإرشاد اليه فقد نصبها الله سبحانه لجميع عباده.