(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (٣٤)). [النساء: ٣٤].
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) أي: الرجل قيّم على المرأة، وهو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها، ومؤدبها إذا اعوجت.
• قال القرطبي: دّلت هذه الآية على تأديب الرجال نساءَهم، فإذا حفظن حقوق الرجال فلا ينبغي أن يسيء الرّجل عِشرتها.
و (قَوّام) فعّال للمبالغة؛ من القيام على الشيء والاستبداد بالنظر فيه وحفظه بالاجتهاد.
فقيام الرّجال على النساء هو على هذا الحد؛ وهو أن يقوم بتدبيرها وتأديبها وإمساكها في بيتها ومنعها من البروز وأنْ عليها طاعته وقبول أمره ما لم تكن معصية؛ وتعليل ذلك بالفضيلة والنفقة والعقل والقوّة في أمر الجهاد والميراث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) الباء سببية، أي: بسبب الذي فضل الله به بعضهم على بعض.
• قال ابن الجوزي: … وفضل الرجل على المرأة بزيادة العقل، وتوفير الحظ في الميراث، والغنيمة، والجمعة، والجماعات، والخلافة، والإمارة، والجهاد، وجعل الطلاق إليه إلى غير ذلك.
• فبسبب ما زاد الله به الرجال على النساء من القوى الظاهرة والباطنة، فالظاهرة: كقوة البدن، ومن القوة الباطنة: العقل، والذكاء، والشجاعة، والحزم، والصبر، والتحمل، ولهذا خصهم الله وفضلهم بأن جعل الرسالة والنبوة والولاية فيهم، وخصهم بكثير من العبادات كالجهاد والأعياد والجمع والجماعات، وبكون شهادة الرجل بشهادة امرأتين، وميراثه مثل نصيب الأنثيين إلى غير ذلك من الخصائص التي هي تابعة لكمال استعدادهم الفطري.
• وفي قوله (بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) دون أن يقول: بما فضلهم الله عليهن تنبيهاً على أن الرجل من المرأة والمرأة من الرجل، وأن كل واحد منهما بالنسبة للآخر كأعضاء الجسد، فلا ينبغي أن يتكبر أحدهما على الآخر، وإن كان بعض الأعضاء أفضل من بعض.
كما أن فيه تنبيهاً على أن التفضيل إنما هو بالنسبة للجنس، أي: جنس الرجال أفضل من جنس النساء، لا بالنسبة للأفراد، فكم من امرأة خير من زوجها، بل من عشرات الرجال في العلم والدين والخلق.
(وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) الباء سببية، أي: وبسبب إنفاقهم من أموالهم، من المهور والنفقات التي أوجبها الله للنساء على الرجال في الكتاب والسنة.
• قال ابن كثير: فالرجل أفضل من المرأة في نفسه، وله الفضل عليها والإفضال، فناسب أن يكون قيماً عليها، كما قال تعالى (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ).